تَأَمُّلٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْيَهُودَ قَبِيلَةٌ سُمِّيَتْ بَاسْمِ جَدِّهَا يَهُودَا أَخِي يُوسُفَ الصِّدِّيقِ وَالْيَهُودِيُّ مَنْسُوبٌ إِلَيْهِمْ بِمَعْنًى وَاحِدٍ مِنْهُمْ (وَلَمْ يُؤَاكِلُوهَا) بَالْهَمْزِ وَيُبْدَلُ وَاوًا
وَقِيلَ إِنَّهُ لُغَةٌ (وَلَمْ يُجَامِعُوهَا فِي الْبَيْتِ) أَيْ لَمْ يُخَالِطُوهُنَّ وَلَمْ يُسَاكِنُوهُنَّ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ (عَنْ ذَلِكَ) أَيْ عَنْ فعل يهود المذكور (ويسألونك عن المحيض) أَيِ الْحَيْضِ مَاذَا يُفْعَلُ بِالنِّسَاءِ فِيهِ (قُلْ هُوَ أَذًى) أي قذر (فاعتزلوا النساء) أي اتركوا وطئهن (في المحيض) أَيْ وَقْتِهِ أَوْ مَكَانِهِ
قَالَ فِي الْأَزْهَارِ الْمَحِيضُ الْأَوَّلُ فِي الْآيَةِ هُوَ الدَّمُ بَالِاتِّفَاقِ لقوله تعالى قل هو أذي وَفِي الثَّانِي ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا الدَّمُ كَالْأَوَّلِ وَالثَّانِي زَمَانُ الْحَيْضِ وَالثَّالِثُ مَكَانَهُ وَهُوَ الْفَرْجُ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْمُفَسِّرِينَ وَأَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ثُمَّ الْأَذَى مَا يَتَأَذَّى بِهِ الْإِنْسَانُ قِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ لَهُ لَوْنًا كَرِيهًا وَرَائِحَةً مُنْتِنَةً وَنَجَاسَةً مُؤْذِيَةً مَانِعَةً عَنِ الْعِبَادَةِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ مُبَيِّنًا لِلِاعْتِزَالِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ بِقَصْرِهِ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ (جَامِعُوهُنَّ) أَيْ سَاكِنُوهُنَّ (وَاصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ) مِنَ الْمُؤَاكَلَةِ وَالْمُشَارَبَةِ وَالْمُلَامَسَةِ وَالْمُضَاجَعَةِ (غَيْرَ النِّكَاحِ) أَيِ الْجِمَاعِ وَهَذَا تَفْسِيرٌ لِلْآيَةِ وَبَيَانٌ لِقَوْلِهِ فَاعْتَزِلُوا فَإِنَّ الِاعْتِزَالَ شَامِلٌ لِلْمُجَانَبَةِ عَنِ الْمُؤَاكَلَةِ وَالْمُضَاجَعَةِ (هَذَا الرَّجُلُ) يَعْنُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم وعبروا به لِإِنْكَارِهِمُ النُّبُوَّةَ (أَنْ يَدَعَ) أَيْ يَتْرُكَ (مِنْ أَمْرِنَا) أَيْ مِنْ أُمُورِ دِينِنَا (إِلَّا خَالَفَنَا) بِفَتْحِ الْفَاءِ أَيْ لَا يَتْرُكُ أَمْرًا مِنْ أُمُورِنَا إِلَّا مَقْرُونًا بَالْمُخَالَفَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى لَا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها (فَجَاءَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ) بَالتَّصْغِيرِ فِيهِمَا أَنْصَارِيٌّ أَوْسِيٌّ أَسْلَمَ قَبْلَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ عَلَى يَدِ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ الْعَقَبَةَ الثَّانِيَةَ وَشَهِدَ بَدْرًا وَمَا بَعْدَهَا مِنَ الْمَشَاهِدِ (وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ) هُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ مِنَ الْأَنْصَارِ أَسْلَمَ بَالْمَدِينَةِ عَلَى يَدِ مُصْعَبٍ أَيْضًا قَبْلَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَشَهِدَ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا (أَفَلَا نَنْكِحُهُنَّ) أَيْ أَفَلَا نُجَامِعُهُنَّ كَمَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ (فَتَمَعَّرَ) أَيْ فَتَغَيَّرَ (أَنْ قَدْ وَجَدَ عَلَيْهِمَا) أَيْ غَضِبَ (فَخَرَجَا) خَوْفًا مِنَ الزِّيَادَةِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute