كَبِيرٍ أَعْوَرَ كَانَ أَوْ أَعْرَجَ فَإِنَّهُ يَجْزِيهِ إِلَّا مَا يَمْنَعُ دَلِيلُ الْإِجْمَاعِ مِنْهُ وَهُوَ الزَّمِنُ الَّذِي لَا حَرَاكَ بِهِ انْتَهَى (مَا أَمْلِكُ رَقَبَةً غَيْرَهَا) أَيْ غَيْرَ رَقَبَتِي هَذِهِ (وَضَرَبْتُ صَفْحَةَ رَقَبَتِي) زَادَ أَحْمَدُ بِيَدِي
قَالَ فِي الْقَامُوسِ الصَّفْحُ الْجَانِبُ وَمِنْكَ جَنْبُكَ وَمِنَ الْوَجْهِ وَالسَّيْفِ عَرْضُهُ (وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ) الْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا (بَيْنَ سِتِّينَ مِسْكِينًا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَلَا يُجْزِئُ إِطْعَامُ دُونِهِمْ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنَّهُ يُجْزِئُ إِطْعَامُ وَاحِدٍ سِتِّينَ يَوْمًا (لَقَدْ بِتْنَا وَحْشَيْنِ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ يُقَالُ رَجُلٌ وَحْشٌ بَالسُّكُونِ إِذَا كَانَ جَائِعًا لَا طَعَامَ لَهُ وَقَدْ أَوْحَشَ إِذَا جَاعَ (بَنِي زُرَيْقٍ) بِتَقْدِيمِ الزَّاي عَلَى الرَّاءِ (فَلْيَدْفَعْهَا) أَيِ التَّمْرَ (فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ) أَخَذَ بِظَاهِرِهِ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَقَالُوا الْوَاجِبُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ أَوْ ذُرَةٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ زَبِيبٍ أَوْ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنَّ الْوَاجِبَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ وَتَمَسَّكَ بَالرِّوَايَاتِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ الْعَرَقِ وَتَقْدِيرُهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا
وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَسْقُطُ بَالْعَجْزِ عَنْ جَمِيعِ أَنْوَاعِهَا لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعَانَهُ بِمَا يُكَفِّرُ بِهِ بَعْدَ أَنْ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَا يَجِدُ رَقَبَةً وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إِطْعَامٍ وَلَا يُطِيقُ الصَّوْمَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَتِهِ عَنْهُ وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى السُّقُوطِ وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى التَّفْصِيلِ فَقَالُوا تَسْقُطُ كَفَّارَةُ صَوْمِ رَمَضَانَ لَا غَيْرَهَا مِنَ الْكَفَّارَاتِ كَذَا فِي النَّيْلِ (وَكُلْ أَنْتَ وَعِيَالَكَ بَقِيَّتَهَا) أَيْ بَقِيَّةَ الصَّدَقَةِ الَّتِي بَقِيَتْ بَعْدَ إِطْعَامِ سِتِّينَ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
ثُمَّ اِخْتَلَفُوا فِي الْبُرّ هَلْ هُوَ عَلَى النِّصْف مِنْ ذَلِكَ أَمْ هُوَ وَغَيْره سَوَاء فَقَالَ الشَّافِعِيُّ مُدٌّ مِنْ الْجَمِيع وَقَالَ مَالِك مُدَّانِ مِنْ الْجَمِيع وَقَالَ أَحْمَد وَأَبُو حَنِيفَة الْبُرّ عَلَى النِّصْف مِنْ غَيْره عَلَى أَصْلهمَا فَعِنْد أَحْمَد مُدّ مِنْ بُرّ أَوْ نِصْف صَاع مِنْ غَيْره وَعِنْد أَبِي حَنِيفَة مُدَّانِ مِنْ بُرّ أَوْ نِصْف صَاع مِنْ غَيْره عَلَى اِخْتِلَافهمَا فِي الصَّاع
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute