عَلِمَ أَنَّ بُسْرَةَ رَوَتْهُ قَالَ بِهِ وَتَرَكَ قوله وسمعها بن عُمَرَ تُحَدِّثُ بِهِ فَلَمْ يَزَلْ يَتَوَضَّأُ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ حَتَّى مَاتَ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَقَدْ وَقَعَ لَنَا هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَأَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ وَأُمِّ حَبِيبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
وَأَمَّا حَدِيث طَلْقٍ فَقَدْ رَجَحَ حَدِيث بُسْرَةَ وَغَيْره عَلَيْهِ مِنْ وُجُوه أَحَدهَا ضَعْفه
وَالثَّانِي أَنَّ طَلْقًا قَدْ اُخْتُلِفَ عَنْهُ فَرَوَى عَنْهُ هَلْ هُوَ إِلَّا بِضْعَةٌ مِنْك وَرَوَى أَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا مَنْ مَسَّ فَرْجه فَلْيَتَوَضَّأْ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَقَالَ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عُتْبَةَ إِلَّا حَمَّادُ بْنُ مُحَمَّدٍ
وَهُمَا عِنْدِي صَحِيحَانِ يُشْبِه أَنْ يَكُون سَمِعَ الْحَدِيث الْأَوَّل مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْل هَذَا ثُمَّ سَمِعَ هَذَا بَعْده فَوَافَقَ حَدِيث بُسْرَةَ وَأُمِّ حَبِيبَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ وَغَيْرهمْ فَسَمِعَ النَّاسِخ وَالْمَنْسُوخ
الثَّالِث أَنَّ حَدِيث طَلْقٍ لَوْ صَحَّ لَكَانَ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَةَ وَمَنْ مَعَهُ مُقَدَّمًا عَلَيْهِ لِأَنَّ طَلْقًا قَدِمَ الْمَدِينَة وَهُمْ يَبْنُونَ الْمَسْجِد فَذَكَرَ الْحَدِيث وَفِيهِ قِصَّة مَسّ الذَّكَر وَأَبُو هُرَيْرَةَ أَسْلَمَ عَام خَيْبَرَ بَعْد ذَلِكَ بِسِتِّ سِنِينَ وَإِنَّمَا يُؤْخَذ بِالْأَحْدَثِ فَالْأَحْدَث مِنْ أَمْره صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الرَّابِع أَنَّ حَدِيث طَلْقٍ مُبْقًى عَلَى الْأَصْل وَحَدِيث بُسْرَةَ نَاقِل وَالنَّاقِل مُقَدَّم لِأَنَّ أَحْكَام الشَّارِع نَاقِلَة عَمَّا كَانُوا عَلَيْهِ
الْخَامِس أَنَّ رُوَاة النَّقْض أَكْثَر وَأَحَادِيثه أَشْهَر فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَة بُسْرَةَ وَأُمِّ حَبِيبَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي أَيُّوبَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ
السَّادِس أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ الْفَرْق بَيْن الذَّكَر وَسَائِر الْجَسَد فِي النَّظَر وَالْحِسّ فَثَبَتَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يَمَسّ الرَّجُل ذَكَره بِيَمِينِهِ فَدَلَّ أَنَّ الذَّكَر لَا يُشْبِه سَائِر الْجَسَد وَلِهَذَا صَانَ الْيَمِين عَنْ مَسّه فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الْأَنْف وَالْفَخِذ وَالرِّجْل فَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ الْمَانِعُونَ إِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْإِبْهَام وَالْيَد وَالرِّجْل لَمْ يَنْهَ عَنْ مَسّه بِالْيَمِينِ
وَاللَّهُ أعلم
السابع أنه لو قدر تعارض الحديثان مِنْ كُلّ وَجْه لَكَانَ التَّرْجِيح لِحَدِيثِ النَّقْض لِقَوْلِ أَكْثَر الصَّحَابَة مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَابْنُهُ وَأَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ وَزَيْدُ بْنُ خَالِدٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَجَابِرٌ وَعَائِشَةُ وَأُمُّ حَبِيبَةَ وَبُسْرَةُ بِنْتُ صَفْوَانَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ روايتان وعن بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا رِوَايَتَانِ