قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ هَكَذَا ذَكَرَهُ آدَمُ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ مُخْتَصَرًا وَفِيهِ اخْتِصَارٌ عَمَّا رَوَاهُ غندر عن شعبة
أخرجه مسلم عن بن الْمُثَنَّى وَغَيْرِهِ عَنْهُ بِلَفْظِ الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَعَقَدَ الْإِبْهَامَ فِي الثَّالِثَةِ وَالشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا يَعْنِي تَمَامَ الثَّلَاثِينَ أَيْ أَشَارَ أَوَّلًا بِأَصَابِعِ يَدَيْهِ الْعَشْرِ جَمِيعًا مَرَّتَيْنِ وَقَبَضَ الْإِبْهَامَ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ وَهَذَا الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ وَأَشَارَ مَرَّةً أُخْرَى بِهِمَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ ثَلَاثُونَ انْتَهَى
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ قَوْلُهُ الشَّهْرُ هَكَذَا يُرِيدُ أَنَّ الشَّهْرَ قَدْ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَلَيْسَ يُرِيدُ أَنَّ كُلَّ شَهْرٍ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَإِنَّمَا احْتَاجَ إِلَى بَيَانِ مَا كَانَ مَوْهُومًا أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الشَّهْرَ فِي الْعُرْفِ وَغَالِبِ الْعَادَةِ ثَلَاثُونَ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْبَيَانُ فِيهِ مَصْرُوفًا إِلَى النَّادِرِ دُونَ الْمَعْرُوفِ مِنْهُ فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا حَلَفَ أَوْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ شَهْرًا بِعَيْنِهِ فَصَامَ فَكَانَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ كَانَ بَارًّا فِي يَمِينِهِ وَنَذْرِهِ وَلَوْ حَلَفَ لَيَصُومَنَّ شَهْرًا لَا بِعَيْنِهِ فَعَلَيْهِ إِتْمَامُ الْعِدَّةِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا
وَفِي الْحَدِيثِ مُسْتَدَلٌّ لِمَنْ رَأَى الْحُكْمَ بَالْإِشَارَةِ وَإِعْمَالِ دَلَالَةِ الْإِيمَاءِ كَمَنْ قَالَ امْرَأَتِي طَالِقٌ وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ عَلَى الظَّاهِرِ مِنَ الْحَالِ
(وَخَنَسَ سُلَيْمَانُ أُصْبُعَهُ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَيْ أَضْجَعَهَا فَأَخَّرَهَا عَنْ مَقَامِ أَخَوَاتِهَا وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا كَانَ مَعَ أَصْحَابِهِ فِي مَسِيرٍ أَوْ سَفَرٍ فَتَخَلَّفَ عَنْهُمْ قَدْ خَنَسَ عَنْ أَصْحَابِهِ انْتَهَى
وَقَالَ الْعَيْنِيُّ لَفْظُ خَنَسَ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالنُّونِ وَفِي آخِرِهِ سِينٌ مُهْمَلَةٌ مَعْنَاهُ قَبَضَ
وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَازِمٌ يُقَالُ خَنَسَ خُنُوسًا وَيُرْوَى حَبَسَ بَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ بِمَعْنَى خَنَسَ وَهِيَ رِوَايَةُ الْكُشْمِيهَنِيِّ
انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وبن مَاجَهْ
(الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ) ظَاهِرُهُ حَصْرُ الشَّهْرِ فِي تِسْعٍ وَعِشْرِينَ مَعَ أَنَّهُ لَا يَنْحَصِرُ فِيهِ بَلْ قَدْ يَكُونُ ثَلَاثِينَ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ أَوِ اللَّامُ لِلْعَهْدِ وَالْمُرَادُ شَهْرٌ بِعَيْنِهِ أَوْ هُوَ محمول على الأكثر الأغلب لقول بن مَسْعُودٍ مَا صُمْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ أَكْثَرَ مِمَّا صُمْنَا ثَلَاثِينَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ
قَالَهُ فِي الْفَتْحِ (فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ) أَيِ الْهِلَالَ لَا يُقَالُ إِنَّهُ إِضْمَارٌ قَبْلَ الذِّكْرِ لِدَلَالَةِ السِّيَاقِ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ منهما السدس أَيْ لِأَبَوَيِ الْمَيِّتِ
قَالَهُ الْعَيْنِيُّ