شَهْرُ عِيدٍ لِقُرْبِهِ مِنَ الْعِيدِ أَوْ لِكَوْنِ هِلَالِ الْعِيدِ رُبَّمَا رُئِيَ فِي الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ
قَالَهُ الْأَثْرَمُ
وَالْأَوَّلُ أَوْلَى
وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَغْرِبُ وِتْرُ النهار أخرجه الترمذي من حديث بن عُمَرَ وَصَلَاةُ الْمَغْرِبِ لَيْلِيَّةٌ جَهْرِيَّةٌ وَأَطْلَقَ كَوْنَهَا وِتْرَ النَّهَارِ لِقُرْبِهَا مِنْهُ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ وَقْتَهَا يَقَعُ أَوَّلَ مَا تَغْرُبُ الشَّمْسُ انْتَهَى (لَا يَنْقُصَانِ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَأْوِيلِهِ عَلَى وُجُوهٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ مَعْنَاهُ أَنَّهُمَا لَا يَكُونَانِ نَاقِصَيْنِ فِي الْحُكْمِ وَإِنْ وُجِدَا نَاقِصَيْنِ فِي عَدَدِ الْحِسَابِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَعْنَاهُ أَنَّهُمَا لَا يَكَادَانِ يُوجَدَانِ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ مُجْتَمَعَيْنِ فِي النُّقْصَانِ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا تِسْعًا وَعِشْرِينَ كَانَ الْآخَرُ ثَلَاثِينَ عَلَى الْإِكْمَالِ
قُلْتُ وَهَذَا الْقَوْلُ لَا يُعْتَمَدُ لِأَنَّ دَلَالَتَهُ تختلف
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
أَحَدهَا لَا يَجْتَمِع نَقْصهمَا مَعًا فِي سَنَة وَاحِدَة وَهَذَا مَنْصُوص الْإِمَام أَحْمَد
وَالثَّانِي أَنَّ هَذَا خَرَجَ عَلَى الْغَالِب وَالْغَالِب أَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ فِي النَّقْص وَإِنْ وَقَعَ نَادِرًا
وَالثَّالِث أَنَّ الْمُرَاد بِهَذَا تِلْكَ السَّنَة وَحْدهَا ذَكَره جَمَاعَة
الرَّابِع أَنَّهُمَا لَا يَنْقُصَانِ فِي الْأَجْر وَالثَّوَاب وَإِنْ كَانَ رَمَضَان تِسْعًا وَعِشْرِينَ فَهُوَ كَامِل فِي الْأَجْر
الْخَامِس أَنَّ الْمُرَاد بِهَذَا تَفْضِيل الْعَمَل فِي عَشْر ذِي الْحِجَّة وَأَنَّهُ لَا يَنْقُص أَجْره وَثَوَابه عَنْ ثَوَاب شَهْر رَمَضَان
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي أَيَّام الْعَشْر مِنْ ذِي الْحِجَّة وَالْعَشْر الْأَخِير مِنْ رَمَضَان أَيّهمَا أَفْضَل قَالَ شَيْخنَا وَفَصْل الْخَطَّاب أَنَّ لَيَالِي الْعَشْر الْأَخِير مِنْ رَمَضَان أَفْضَل مِنْ لَيَالِي عَشْر ذِي الْحِجَّة فَإِنَّ فِيهَا لَيْلَة الْقَدْر وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِد فِي تِلْكَ اللَّيَالِي مَا لَا يَجْتَهِد فِي غَيْرهَا مِنْ اللَّيَالِي وَأَيَّام عَشْر ذِي الْحِجَّة أَفْضَل مِنْ أَيَّام الْعَشْر الْآخِر مِنْ رمضان لحديث بن عَبَّاس وَقَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْظَم الْأَيَّام عِنْد اللَّه يَوْم النَّحْر وَمَا جَاءَ فِي يَوْم عَرَفَة
السَّادِس أَنَّ النَّاس كَانَ يَكْثُر اِخْتِلَافُهُمْ فِي هَذَيْنَ الشَّهْرَيْنِ لِأَجْلِ صومهم وحجهم فأعلمهم صلى الله عليه وسلم أَنَّ الشَّهْرَيْنِ وَإِنْ نَقَصَتْ أَعْدَادهمَا فَحُكْم عِبَادَتهَا عَلَى التَّمَام وَالْكَمَال وَلَمَّا كَانَ هَذَانِ الشَّهْرَانِ هُمَا أَفْضَل شُهُور الْعَام وَكَانَ الْعَمَل فِيهِمَا أَحَبّ إِلَى اللَّه مِنْ سَائِر الشُّهُور رَغِبَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَمَل وَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُص ثَوَابه وَإِنْ نَقَصَ الشَّهْرَانِ
وَاَللَّه أَعْلَم
قَالُوا وَيَشْهَد لِهَذَا التَّفْسِير مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمه مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْرَة عَنْ أَبِيهِ يَرْفَعهُ كُلّ شَهْر حَرَام لَا يَنْقُص ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَثَلَاثِينَ لَيْلَة وَرِجَال إِسْنَاده ثِقَات
وَهَذَا لَا يُمْكِن حَمْله إِلَّا عَلَى الثَّوَاب أَيْ لِلْعَامِلِ فِيهَا ثَوَاب ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَيْلَة وَإِنْ نَقَصَ عَدَده
وَاَللَّه أَعْلَم