(فَقَامَ إِلَيْهِ) أَيْ إِلَى مُعَاوِيَةَ (السَّبَئِيُّ) بِمَفْتُوحَةٍ وَفَتْحِ مُوَحَّدَةٍ فَكَسْرِ هَمْزَةٍ وَقَصْرٍ نِسْبَةٌ إِلَى سَبَأٍ عَامِرُ بْنُ سَحْبٍ قَالَهُ الْمُغْنِي (قَالَ) مُعَاوِيَةُ (صُومُوا الشَّهْرَ وَسِرَّهُ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَرَادَ صُومُوا أَوَّلَ الشَّهْرِ وَآخِرَهُ انْتَهَى
وَقَالَ الخطابي والعرب يسمي الْهِلَالَ الشَّهْرَ يَقُولُ رَأَيْتُ الشَّهْرَ أَيِ الْهِلَالَ انْتَهَى
وَقَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ صُومُوا الشَّهْرَ وَسِرَّهُ بِكَسْرٍ فَتَشْدِيدٍ يُقَالُ سِرُّ الشَّهْرِ وَسِرَارُهُ وَسُرَرُهُ لِآخِرِهِ لِاسْتِتَارِ الْقَمَرِ فِيهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بَالشَّهْرِ رَمَضَانُ وَسِرِّهِ أَيْ آخِرِهِ لِتَأْكِيدِ الِاسْتِيعَابِ أَوِ الْمُرَادُ بِآخِرِهِ آخَرُ شَعْبَانَ وَإِضَافَتُهُ إِلَى رَمَضَانَ لِلِاتِّصَالِ وَالْخِطَابُ لِمَنْ يَعْتَادُ أَوْ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بَالشَّهْرِ كُلُّ شَهْرٍ وَالْمُرَادُ صُومُوا أَوَّلَ كُلِّ شَهْرٍ وَآخِرَهُ وَالْمَقْصُودُ بَيَانُ الْإِبَاحَةِ انْتَهَى
(يَعْنِي الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ سِرَّهُ أَوَّلَهُ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَأَنَا أُنْكِرُ هَذَا التَّفْسِيرَ وَأَرَاهُ غَلَطًا فِي النَّقْلِ وَلَا أَعْرِفُ لَهُ وَجْهًا فِي اللُّغَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ سِرَّهُ آخِرُهُ هَكَذَا حَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ عَنِ الْوَلِيدِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ سِرُّهُ آخِرُهُ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَفِيهِ لُغَاتٌ يُقَالُ سِرُّ الشَّهْرِ وَسِرَارُ الشَّهْرِ وَسُمِّيَ آخِرُ الشَّهْرِ سِرًّا لِاسْتِرَارِ الْقَمَرِ فِيهِ وَإِذَا كَانَ أَوَّلُ الشَّهْرِ مَأْمُورًا بِصِيَامِهِ فِي قَوْلِهِ صُومُوا الشَّهْرَ فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْأَمْرَ بِصِيَامِ سِرِّهِ هُوَ غيره أوله
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
يَكُون اِسْتِقْبَالًا لِرَمَضَان فَيَكُون مَنْهِيًّا عَنْهُ فَاسْتَحَبَّ لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقْضِيَهُ وَرُجِّحَ هَذَا بِقَوْلِهِ إِلَّا صَوْم كَانَ يَصُومهُ أَحَدكُمْ فَلْيَصُمْهُ وَالنَّهْي عَنْ التَّقَدُّم لِمَنْ لَا عَادَة لَهُ
فَيَتَّفِق الْحَدِيثَانِ
وَاَللَّه أَعْلَم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute