. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
ضَرْبَتَانِ وَأَحَادِيث الْمَنْع مِنْ فَسْخ الْحَجّ إِلَى التَّمَتُّع وَأَحَادِيث تَحْرِيم الْقِرَاءَة عَلَى الْجُنُب وَالْحَائِض وَأَحَادِيث تَقْدِير الْمَاء الَّذِي يَحْمِل النَّجَاسَة بِالْقُلَّتَيْنِ
قَالُوا وَأَحَادِيث الْفِطْر بِالْحِجَامَةِ أَقْوَى وَأَشْهَر وَأُعْرَف مِنْ هَذَا بَلْ لَيْسَتْ دُون أَحَادِيث نَقْضِ الْوُضُوء بِمَسِّ الذَّكَر
وَأَمَّا قَوْل بَعْض أَهْل الْحَدِيث لَا يَصِحّ فِي الْفِطْر بِالْحِجَامَةِ حَدِيث فَمُجَازَفَةٌ بَاطِلَةٌ أَنْكَرَهَا أَئِمَّة الْحَدِيث كَالْإِمَامِ أَحْمَد لما حكى له قول بن مَعِين أَنْكَرَهُ عَلَيْهِ
ثُمَّ فِي هَذِهِ الْحِكَايَة عَنْهُ
أَنَّهُ لَا يَصِحّ فِي مَسِّ الذَّكَر حَدِيث وَلَا فِي النِّكَاح بِلَا وَلِيٍّ وَلَمْ يَلْتَفِت الْقَائِلُونَ بِذَلِكَ إِلَى قَوْله
وَأَمَّا تَطَرُّق التعليل إليها فَمِنْ نَظَرَ فِي عِلَلهَا وَاخْتِلَاف طُرُقهَا أَفَادَهُ ذَلِكَ عِلْمًا لَا يُشَكُّ فِيهِ بِأَنَّ الْحَدِيث مَحْفُوظ وَعَلَى قَوْل جُمْهُور الْفُقَهَاء وَالْأُصُولِيِّينَ لَا يُلْتَفَت إِلَى شَيْء مِنْ تِلْكَ الْعِلَل وَإِنَّهَا مَا بَيْن تَعْلِيل بِوَقْفِ بَعْض الرُّوَاة
وَقَدْ رَفَعَهَا آخَرُونَ أَوْ إِرْسَالهَا وَقَدْ وَصَلَهَا آخَرُونَ وَهُمْ ثِقَات وَالزِّيَادَة مِنْ الثِّقَة مَقْبُولَة
قَالُوا فَعَلَى قَوْل مُنَازِعِينَا هَذِهِ الْعِلَل بَاطِلَة لَا يُلْتَفَت إِلَى شَيْء مِنْهَا
وَقَدْ ذَكَرْت عِلَلهَا وَالْأَجْوِبَة عَنْهُ فِي مُصَنَّف مُفْرَد فِي الْمَسْأَلَة
قَالُوا وَأَمَّا دَعْوَى النَّسْخ فَلَا سَبِيل إِلَى صِحَّتهَا
وَنَحْنُ نَذْكُر مَا اِحْتَجُّوا بِهِ عَلَى النَّسْخ
ثُمَّ نُبَيِّن مَا فِيهِ
قَالُوا قَدْ صح عن بن عباس أن النبي اِحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِم مُحْرِم قَالَ الشَّافِعِيُّ
وَسَمَاع بن عباس من النبي عَام الْفَتْح وَلَمْ يَكُنْ يَوْمئِذٍ مُحْرِمًا وَلَمْ يصحبه محرما قبل حجة الإسلام
فذكر بن عباس حجامة النبي عَام حَجَّة الْإِسْلَام سَنَة عَشْر وَحَدِيث أَفْطَرَ الْحَاجِم وَالْمَحْجُوم سَنَة ثَمَان فَإِنْ كَانَا ثَابِتَيْنِ فحديث بن عَبَّاس نَاسِخ
قَالُوا وَيَدُلّ عَلَى النَّسْخ حَدِيث أَنَس فِي قِصَّة جَعْفَر وَقَدْ تَقَدَّمَ
قَالُوا وَيَدُلّ عَلَيْهِ حَدِيث أَبِي سَعِيد فِي الرُّخْصَة فِيهَا وَالرُّخْصَة لَا تَكُون إِلَّا بَعْد تَقَدُّم المنع
قال المفطرون الثابت أن النبي اِحْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِم وَأَمَّا قَوْله وَهُوَ صَائِم فَإِنَّ الْإِمَام أَحْمَد قَالَ لَا تَصِحّ هَذِهِ اللَّفْظَة وَبَيَّنَ أَنَّهَا وَهْم وَوَافَقَهُ غَيْره عَلَى ذلك وقالوا الصواب اِحْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِم وَمِمَّنْ ذَكَر ذَلِكَ عَنْهُ الحلال فِي كِتَاب الْعِلَل
وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيث عَلَى أَرْبَعَة أَوْجُه أَحَدهَا اِحْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِم فَقَطْ
وَهَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ