وَالتَّابِعِينَ وَحُكِيَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ إِبْطَالُهُ وَكَانَ عَلَيْهِ أَبُو هُرَيْرَةَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَقِيلَ لَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ وَلَيْسَ بشيء
وحكي عن طاووس وَعُرْوَةَ وَالنَّخَعِيِّ إِنْ عَلِمَ بِجَنَابَتِهِ لَمْ يَصِحَّ وَإِلَّا فَيَصِحُّ وَحُكِيَ مِثْلُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحُكِيَ أَيْضًا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالنَّخَعِيِّ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ دُونَ الْفَرْضِ
وَحُكِيَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحِ يَصُومُهُ وَيَقْضِيهِ ثُمَّ ارْتَفَعَ هَذَا الْخِلَافُ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ بَعْدَ هَؤُلَاءِ عَلَى صِحَّتِهِ
وَفِي صِحَّةِ الْإِجْمَاعِ بَعْدَ الْخِلَافِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ لِأَهْلِ الْأُصُولِ
وَحَدِيثُ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ حُجَّةٌ عَلَى كُلِّ مُخَالِفٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَإِذَا انْقَطَعَ دَمُ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ فِي اللَّيْلِ ثُمَّ طَلَعَ الْفَجْرُ قَبْلَ اغْتِسَالِهِمَا صَحَّ صَوْمُهُمَا وَوَجَبَ عَلَيْهِمَا إِتْمَامُهُ سَوَاءٌ تَرَكَتِ الْغُسْلَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا بِعُذْرٍ أَمْ بِغَيْرِهِ كَالْجُنُبِ وَهَذَا مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ مِمَّا لَا نَعْلَمُ صَحَّ عَنْهُ أَمْ لَا انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ بِتَغْيِيرٍ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا
قَالَ أَبُو دَاوُدَ مَا أَقَلَّ مَنْ يَقُولُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ يَعْنِي يُصْبِحُ جُنُبًا فِي رَمَضَانَ وَإِنَّمَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصْبِحُ جُنُبًا وَهُوَ صَائِمٌ هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَفِي كِتَابِ النَّسَائِيِّ وَفِيهَا رَدٌّ على إبراهيم والنخعي وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي قَوْلِهِمَا وَلَا يُجْزِئُهُ صَوْمُهُ فِي الْفَرْضِ وَيُجْزِئُهُ فِي التَّطَوُّعِ
(مَا أَقَلَّ) صِيغَةُ تَعَجُّبٍ (مَنْ يَقُولُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ) الْمَرْوِيَّةَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَذْرَمِيِّ (يَعْنِي يُصْبِحُ جُنُبًا فِي رَمَضَانَ) وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُشَارٌ إِلَيْهَا لِقَوْلِهِ هَذِهِ الْكَلِمَةَ فَعَبْدُ اللَّهِ الْأَذْرَمِيُّ يَقُولُ فِي رِوَايَتِهِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْبِحُ جُنُبًا فِي رَمَضَانَ مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ ثُمَّ يَصُومُ وَغَيْرُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَذْرَمِيِّ يَقُولُ يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ ثُمَّ يَصُومُ أَيْ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ فِي رَمَضَانَ (وَإِنَّمَا الْحَدِيثُ) الْمَرْوِيُّ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصْبِحُ جُنُبًا وَهُوَ صَائِمٌ) أَيْ من غير
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
وَذَهَبَتْ طَائِفَة إِلَى أَنَّ الصَّوْم إِنْ كَانَ فَرْضًا لَمْ يَصِحّ وَإِنْ كَانَ نَفْلًا صَحَّ
وَرُوِيَ هَذَا عَنْ إِبْرَاهِيم النَّخَعِيِّ وَالْحَسَن الْبَصْرِيِّ
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَة رِوَايَة ثَالِثَة أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ فُتْيَاهُ إِلَى قَوْل الْجَمَاعَة
وَذَهَبَ الْجُمْهُور إِلَى صِحَّة صَوْمه مُطْلَقًا فِي الْفَرْض وَالنَّفْل وَقَالُوا حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة مَنْسُوخ
وَاسْتَشْكَلَتْ طَائِفَة ثُبُوت النَّسْخ وَقَالَتْ شَرْط النَّسْخ أَنْ يُعْلَم تَأَخُّرُهُ بِنَقْلٍ أَوْ بِأَنْ تُجْمِع الْأُمَّة