للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ النَّوَوِيُّ وَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يَحِلُّ لَهَا صَوْمُ التَّطَوُّعِ وَزَوْجُهَا حَاضِرٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَرْوِيِّ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَإِنَّمَا كَانَتْ تَصُومُهُ فِي شَعْبَانَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ مُعْظَمَ شَعْبَانَ فَلَا حَاجَةَ لَهُ فِيهِنَّ حِينَئِذٍ فِي النَّهَارِ وَلِأَنَّهُ إِذَا جَاءَ شَعْبَانُ يَضِيقُ قَضَاءُ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ عَنْهُ

وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَجَمَاهِيرِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَنَّ قَضَاءَ رَمَضَانَ فِي حَقِّ مَنْ أَفْطَرَ بِعُذْرٍ كَحَيْضٍ وَسَفَرٍ يَجِبُ عَلَى التَّرَاخِي وَلَا يُشْتَرَطُ الْمُبَادَرَةُ بِهِ فِي أَوَّلِ الْإِمْكَانِ لَكِنْ قَالُوا لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ عَنْ شَعْبَانَ الْآتِي لِأَنَّهُ يُؤَخِّرُهُ حِينَئِذٍ إِلَى زَمَانٍ لَا يَقْبَلُهُ وَهُوَ رَمَضَانُ الْآتِي فَصَارَ كَمَنْ أَخَّرَهُ إِلَى الْمَوْتِ

وَقَالَ دَاوُدُ تَجِبُ الْمُبَادَرَةُ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ بَعْدَ الْعِيدِ مِنْ شَوَّالٍ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ هَذَا يَرُدُّ عَلَيْهِ

قَالَ الْجُمْهُورُ وَيُسْتَحَبُّ الْمُبَادَرَةُ بِهِ لِلِاحْتِيَاطِ فِيهِ فَإِنْ أَخَّرَهُ فَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّهُ يَجِبُ الْعَزْمِ عَلَى فِعْلِهِ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي جَمِيعِ الْوَاجِبِ الْمُوَسَّعِ إِنَّمَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ بِشَرْطِ الْعَزْمِ عَلَى فِعْلِهِ حَتَّى لَوْ أَخَّرَهُ بِلَا عَزْمٍ عَصَى

وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطَ الْعَزْمُ

وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَ خُرُوجِ شَعْبَانَ لَزِمَهُ الْفِدْيَةُ فِي تَرِكَتِهِ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ مِنْ طَعَامٍ هَذَا إِذَا كَانَ تَمَكَّنَ الْقَضَاءَ فَلَمْ يَقْضِ

فَأَمَّا مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ بِعُذْرٍ ثُمَّ اتَّصَلَ عَجْزُهُ فَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ الصوم حتى مات فلا صوم عليه ولايطعم عَنْهُ وَلَا يُصَامُ عَنْهُ

وَمَنْ أَرَادَ قَضَاءَ صَوْمِ رَمَضَانَ نُدِبَ مُرَتَّبًا مُتَوَالِيًا فَلَوْ قَضَاهُ غير مرتب أو مفرقا جاز وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ لِأَنَّ اسْمَ الصَّوْمِ يَقَعُ عَلَى الْجَمِيعِ

وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ يَجِبُ تَتَابُعُهُ كَمَا يَجِبُ الْأَدَاءُ

انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ

وَفِيهِ حُجَّةٌ أَنَّ قَضَاءَ رَمَضَانَ لَيْسَ وَاجِبًا عَلَى الْفَوْرِ خِلَافًا لِدَاوُدَ فِي إِيجَابِهِ ثَانِي شَوَّالٍ وَأَنَّهُ آثِمٌ مَتَى لَمْ يَقْضِهِ

وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ أَخَّرَ الْقَضَاءَ إِلَى أَنْ

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

أَحْمَد وَالشَّافِعِيّ وَمَالك وَإِسْحَاق

وَقَالَ جَمَاعَة يَقْضِي وَلَا فِدْيَة عَلَيْهِ وَهَذَا يُرْوَى عَنْ الْحَسَن وَإِبْرَاهِيم النَّخَعِيِّ وَهُوَ مَذْهَب أَبِي حَنِيفَة

وَقَالَتْ طَائِفَة مِنْهُمْ قَتَادَة يُطْعِم وَلَا يَقْضِي

وَوَقَعَ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي هَذَا الْحَدِيث الشَّغْل بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنَّ هَذِهِ اللَّفْظَة مُدْرَجَة فِي الْحَدِيث مِنْ كَلَام يَحْيَى بْن سَعِيد قَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ الْبُخَارِيّ فِي صَحِيحه قَالَ وَقَالَ يَحْيَى الشَّغْل مِنْ النبي أَوْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي لَفْظ قَالَ يَحْيَى فَظَنَنْت أَنَّ ذَلِكَ لِمَكَانِهَا مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَة أَيْضًا قَالَتْ إِنْ كَانَتْ إِحْدَانَا لِتُفْطِر فِي رَمَضَان فِي زَمَان رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا تَقْدِر أَنْ تَقْضِيَهُ مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَأْتِي شَعْبَان

<<  <  ج: ص:  >  >>