حديث عائشة مطلق وحديث بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا الَّذِي عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ كَمَا سَيَجِيءُ مُقَيَّدٌ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالصِّيَامِ صِيَامَ النَّذْرِ
قَالَ فِي الْفَتْحِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا تَعَارُضٌ حتى يجمع فحديث بن عَبَّاسٍ صُورَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ يَسْأَلُ عَنْهَا مَنْ وَقَعَتْ لَهُ وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَهُوَ تَقْرِيرُ قَاعِدَةٍ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
عَنْ أَحَد وَيُطْعِم عَنْهُ وَمَا رُوِيَ عَنْهُ فِي الْإِطْعَام عَمَّنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَام شَهْر رَمَضَان وَصِيَام شَهْر النَّذْر
وَضُعِّفَ حَدِيث عَائِشَة بِمَا رُوِيَ عَنْهَا فِي اِمْرَأَة مَاتَتْ وَعَلَيْهَا الصَّوْم
قَالَتْ يُطْعِم عَنْهَا وَفِي رِوَايَة عَنْهَا لَا تَصُومُوا عَنْ مَوْتَاكُمْ وَأَطْعِمُوا عَنْهُمْ قَالَ وَلَيْسَ فِيمَا ذَكَرُوا مَا يُوجِد لِلْحَدِيثِ ضَعْفًا فَمَنْ يُجَوِّز الصِّيَام عَنْ الْمَيِّت يُجَوِّز الْإِطْعَام عَنْهُ
وَفِيمَا رُوِيَ عَنْهَا فِي النَّهْيِ عَنْ الصَّوْم عَنْ الْمَيِّت نَظَرٌ وَالْأَحَادِيث الْمَرْفُوعَة أَصَحّ إِسْنَادًا وَأَشْهَر رِجَالًا وَقَدْ أَوْدَعَهَا صَاحِبَا الصَّحِيح كِتَابَيْهِمَا وَلَوْ وَقَفَ الشَّافِعِيُّ عَلَى جَمِيع طُرُقهَا وَتَظَاهُرِهَا لَمْ يُخَالِفْهَا إِنْ شَاءَ اللَّه
وَمِمَّنْ رأى جواز الصيام عن الميت طاووس وَالْحَسَن الْبَصْرِيُّ وَالزُّهْرِيّ وَقَتَادَة
آخِر كَلَام الْبَيْهَقِيّ
وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِيمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْم هَلْ يُقْضَى عَنْهُ عَلَى ثَلَاثَة أَقْوَال أَحَدُهَا لَا يُقْضَى عَنْهُ بِحَالٍ لَا فِي النَّذْر وَلَا فِي الْوَاجِبِ الْأَصْلِيِّ
وَهَذَا ظَاهِرُ مَذْهَب الشَّافِعِيّ وَمَذْهَب مَالِك وَأَبِي حَنِيفَة وَأَصْحَابه
الثَّانِي أَنَّهُ يُصَام عَنْهُ فِيهِمَا وَهَذَا قَوْل أَبِي ثَوْر وَأَحَد قَوْلَيْ الشَّافِعِيّ
الثَّالِث أَنَّهُ يُصَام عَنْهُ النَّذْر دُون الْفَرْض الْأَصْلِيِّ
وَهَذَا مَذْهَب أَحْمَد الْمَنْصُوص عَنْهُ وَقَوْل أَبِي عُبَيْد والليث بن سعد وهو المنصوص عن بن عَبَّاس
رَوَى الْأَثْرَم عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُل مَاتَ وَعَلَيْهِ نَذْر صَوْم شَهْر وَعَلَيْهِ صَوْم رَمَضَان قَالَ أَمَّا رَمَضَان فَلْيُطْعَمْ عَنْهُ وَأَمَّا النَّذْر فَيُصَام وَهَذَا أَعْدَل الْأَقْوَال
وَعَلَيْهِ يَدُلّ كَلَام الصَّحَابَة وَبِهَذَا يَزُول الْإِشْكَال
وَتَعْلِيل حديث بن عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ لَا يَصُوم أَحَد عَنْ أَحَد وَيُطْعِم عَنْهُ فَإِنَّ هَذَا إِنَّمَا هُوَ فِي الْفَرْض الْأَصْلِيّ وَأَمَّا النَّذْر فَيُصَام عَنْهُ كما صرح به بن عَبَّاس وَلَا مُعَارَضَة بَيْن فَتْوَاه وَرِوَايَته
وَهَذَا هُوَ الْمَرْوِيّ عَنْهُ فِي قِصَّة مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْم رَمَضَان وَصَوْم النَّذْر فَرَّقَ بَيْنهمَا فَأَفْتَى بِالْإِطْعَامِ فِي رَمَضَان وَبِالصَّوْمِ عَنْهُ فِي النَّذْر فَأَيّ شَيْء فِي هَذَا مِمَّا يُوجِب تَعْلِيل حَدِيثه وَمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَة مِنْ إِفْتَائِهَا فِي الَّتِي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا الصَّوْم أَنَّهُ يُطْعِم عَنْهَا إِنَّمَا هُوَ فِي الْفَرْض لَا فِي النَّذْر لِأَنَّ الثَّابِت عَنْ عَائِشَة فِيمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَام رَمَضَان أَنَّهُ يُطْعِم عَنْهُ فِي قَضَاء رَمَضَان وَلَا يُصَام فَالْمَنْقُول عَنْهَا