الْبَارِي وَيُؤْخَذُ مِنَ الِاسْتِثْنَاءِ جَوَازُهُ لِمَنْ صَامَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوِ اتَّفَقَ وُقُوعُهُ فِي أَيَّامٍ لَهُ عَادَةٌ بِصَوْمِهَا كَمَنْ يَصُومُ أَيَّامَ الْبِيضِ أَوْ مَنْ لَهُ عَادَةٌ بِصَوْمِ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ كَيَوْمِ عَرَفَةَ فَوَافَقَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ صَوْمِهِ لِمَنْ نَذَرَ يَوْمَ قُدُومِ زَيْدٍ مَثَلًا أَوْ يَوْمَ شِفَاءِ فُلَانٍ انْتَهَى
قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَالْحِكْمَةُ فِي النَّهْيِ عَنْهُ أَنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَوْمُ دُعَاءٍ وَذِكْرٍ وَعِبَادَةٍ مِنَ الْغُسْلِ وَالتَّبْكِيرِ إِلَى الصَّلَاةِ وَانْتِظَارِهَا وَاسْتِمَاعِ الْخُطْبَةِ وَإِكْثَارِ الذِّكْرِ بَعْدَهَا لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْعِبَادَاتِ فِي يَوْمِهَا فَاسْتُحِبَّ الْفِطْرُ فِيهِ لِيَكُونَ أَعْوَنَ لَهُ عَلَى هَذِهِ الْوَظَائِفِ وَأَدَائِهَا بِنَشَاطٍ وَانْشِرَاحٍ لَهَا وَالْتِذَاذٍ بِهَا مِنْ غَيْرِ مَلَلٍ وَلَا سَآمَةٍ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ والنسائي وبن
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
سَأَلْت جَابِرًا أَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْم يَوْم الْجُمْعَة قَالَ نَعَمْ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحه عَنْ جُوَيْرِيَّة بِنْت الحرث أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْم الْجُمْعَة وَهِيَ صَائِمَة فَقَالَ أَصُمْت أَمْس قَالَتْ لَا
قَالَ تُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِي غَدًا قَالَتْ لَا
قَالَ فَأَفْطِرِي وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَخُصُّوا لَيْلَة الْجُمْعَة بِقِيَامٍ مِنْ بَيْن اللَّيَالِي وَلَا تَخُصُّوا يَوْم الْجُمْعَة بِصِيَامٍ مِنْ بَيْن الْأَيَّام إِلَّا أَنْ يَكُون فِي صَوْم يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ وَرَوَى الْإِمَام أَحْمَد فِي مُسْنَده عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم الْجُمْعَة يَوْم عِيد
فَلَا تَجْعَلُوا يَوْم عِيدكُمْ يَوْم صِيَامكُمْ إِلَّا أَنْ تَصُومُوا قَبْله أَوْ بَعْده وَعِنْد النَّسَائِيّ عَنْ عَبْد اللَّه بْن عمرو القارىء قَالَ سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول مَا أَنَا نهيت عن صيام يوم الجمعة محمد صلى الله عليه وسلم وَرَبِّ الْبَيْت نَهَى عَنْهُ وَرَوَى النَّسَائِيّ أَيْضًا عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا الدَّرْدَاء لَا تَخُصّ يَوْم الْجُمْعَة بِصِيَامٍ دُون الْأَيَّام وَلَا تَخُصّ لَيْلَة الْجُمْعَة بِقِيَامٍ دُون اللَّيَالِي
فَذَهَبَ طَائِفَة مِنْ أَهْل الْعِلْم إِلَى الْقَوْل بِهَذِهِ الْأَحَادِيث
مِنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَة وَسَلْمَان وَقَالَ بِهِ أَحْمَد وَالشَّافِعِيّ
وَقَالَ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة لَا يُكْرَه
وَفِي الْمُوَطَّأ قَالَ مَالِك لَمْ أَسْمَع أَحَدًا مِنْ أَهْل الْعِلْم وَالْفِقْه وَمَنْ يُقْتَدَى بِهِ يَنْهَى عَنْ صِيَام يَوْم الْجُمْعَة
وَصِيَامه حَسَن
وَقَدْ رَأَيْت بَعْض أَهْل الْعِلْم يَصُومهُ
وَأَرَاهُ كَانَ يَتَحَرَّاهُ
قَالَ الدَّاوُدِيّ لَمْ يَبْلُغ مَالِكًا هَذَا الْحَدِيث
وَلَوْ بَلَغَهُ لَمْ يُخَالِفهُ
وَقَدْ رَوَى النسائي عن زر بن حبيش عن بْن مَسْعُود أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُوم ثَلَاثَة أَيَّام مِنْ كُلّ شَهْر وَقَلَّمَا رَأَيْته يُفْطِر يَوْم الْجُمْعَة وَإِسْنَاده صَحِيح
وَلَا مُعَارَضَة بَيْنه وَبَيْن أَحَادِيث النَّهْيِ
إِذْ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ كَانَ يُفْرِدهُ بِالصَّوْمِ
وَالنَّهْيُ إِنَّمَا هُوَ عَنْ الْإِفْرَاد فَمَتَى وَصَلَهُنَّ بِغَيْرِهِ زَالَ النَّهْيُ