بِصِيَامِهِ) اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ صَوْمَ يَوْمِ عَاشُورَاءَ الْيَوْمَ سُنَّةٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَاخْتَلَفُوا فِي حُكْمِهِ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ حِينَ شُرِعَ صَوْمُهُ قَبْلَ صَوْمِ رَمَضَانَ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ كَانَ وَاجِبًا وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فِيهِ عَلَى وَجْهَيْنِ مَشْهُورَيْنِ أَشْهَرُهُمَا أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ سُنَّةً مِنْ حِينِ شُرِعَ وَلَمْ يَكُنْ وَاجِبًا قَطُّ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَكِنَّهُ كَانَ مُتَأَكِّدَ الِاسْتِحْبَابِ فَلَمَّا نَزَلَ صَوْمُ رَمَضَانَ صَارَ مُسْتَحَبًّا دُونَ ذَلِكَ الِاسْتِحْبَابِ
وَالثَّانِي كَانَ وَاجِبًا كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ
انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيُّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
(هَذَا يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ اللَّهِ فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ) قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ مُتَحَتِّمًا فَأَبُو حَنِيفَةَ يُقَدِّرُهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَالشَّافِعِيَّةُ يُقَدِّرُونَهُ لَيْسَ مُتَأَكِّدًا أَكْمَلَ التَّأْكِيدِ وَعَلَى الْمَذْهَبَيْنِ هُوَ سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ الْآنَ مِنْ حِينِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يَقُولُ كَانَ صَوْمُ عَاشُورَاءَ فَرْضًا وَهُوَ بَاقٍ عَلَى فَرْضِيَّتِهِ لَمْ يُنْسَخْ قَالَ وَانْقَرَضَ الْقَائِلُونَ بِهَذَا وَحَصَلَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَإِنَّمَا هو مستحب
وروى عن بن عُمَرَ كَرَاهَةُ قَصْدِ صَوْمِهِ وَتَعْيِينِهِ بِالصَّوْمِ
وَالْعُلَمَاءُ مُجْمِعُونَ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ وَتَعْيِينِهِ لِلْأَحَادِيثِ
وَأَمَّا قَوْلُ بن مَسْعُودٍ كُنَّا نَصُومُهُ ثُمَّ تُرِكَ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ كَمَا كَانَ مِنَ الْوُجُوبِ وَتَأَكُّدِ النَّدْبِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ
(وَجَدَ الْيَهُودَ يَصُومُونَ فَسُئِلُوا عَنْ ذَلِكَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ الْيَهُودُ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ فَسَأَلَهُمْ (أَظْهَرَ اللَّهُ) أَيْ نَصَرَهُ (فِيهِ) فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ (لَهُ) أَيْ لِذَلِكَ الْيَوْمِ (نَحْنُ أَوْلَى بِمُوسَى) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ نَحْنُ أَثْبَتُ وَأَقْرَبُ لِمُتَابَعَةِ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْكُمْ فَإِنَّا مُوَافِقُونَ لَهُ فِي أُصُولِ الدِّينِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute