خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ رَجُلٌ يَكْلَؤُنَا) بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيْ مَنْ يَحْفَظُنَا وَيَحْرُسُنَا يُقَالُ كَلَأَهُ اللَّهُ كِلَاءَةً بِالْكَسْرِ أَيْ حَفِظَهُ وَحَرَسَهُ (فَانْتُدِبَ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ نَدَبَهُ لِأَمْرٍ فَانْتَدَبَ أَيْ دَعَاهُ لَهُ فَأَجَابَ (رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ) هُوَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ (وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ) هُوَ عَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ سَمَّاهُمَا الْبَيْهَقِيُّ فِي رِوَايَتِهِ فِي دَلَائِلِ النبوة (فقال كونا بفم الشعب) قال بن منظور فِي لِسَانِ الْعَرَبِ الشِّعْبُ مَا انْفَرَجَ بَيْنَ جَبَلَيْنِ وَالشِّعْبُ مَسِيلُ الْمَاءِ فِي بَطْنٍ مِنَ الْأَرْضِ لَهُ حَرْفَانِ مُشْرِفَانِ وَعَرْضُهُ بَطْحَةُ رَجُلٍ وَقَدْ يَكُونُ بَيْنَ سَنَدَيْ جَبَلَيْنِ
انْتَهَى
وَقَوْلُهُ
بَطْحَةُ رَجُلٍ الْبَطْحُ بر روى درافكندن بَطَحَهُ فَانْبَطَحَ وَالْمُرَادُ مِنَ الشِّعْبِ فِي الْحَدِيثِ الْمَعْنَى الْأَخِيرُ أَيْ مَسِيلُ الْمَاءِ فِي بَطْنٍ مِنَ الْأَرْضِ لَهُ حَرْفَانِ مُشْرِفَانِ وَعَرْضُهُ بَطْحَةُ رَجُلٍ لأنه زاد بن إِسْحَاقَ فِي رِوَايَتِهِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ قَدْ نَزَلُوا إِلَى شِعْبٍ مِنَ الْوَادِي فَهَذِهِ الزِّيَادَةُ تُعَيِّنُ الْمَعْنَى الْأَخِيرَ وَمَعْنَى كُونَا بِفَمِ الشِّعْبِ أَيْ قِفَا بطرفه الذي يلي العدو
والفم ها هنا كِنَايَةٌ عَنْ طَرَفِهِ (فَلَمَّا رَأَى) ذَلِكَ الرَّجُلُ الْمُشْرِكُ (شَخْصَهُ) أَيْ شَخْصَ الْأَنْصَارِيِّ وَالشَّخْصُ سَوَادُ الْإِنْسَانِ وَغَيْرِهِ تَرَاهُ مِنْ بَعِيدٍ يُقَالُ ثَلَاثَةُ أَشْخُصٍ وَالْكَثِيرُ شُخُوصٌ وَأَشْخَاصٌ (عَرَفَ) الرَّجُلُ الْمُشْرِكُ (أَنَّهُ) أَيِ الْأَنْصَارِيَّ (رَبِيئَةٌ لِلْقَوْمِ) الرَّبِيئِيُّ وَالرَّبِيئَةُ الطليعة والجمع الربايا يقال ربأت القوم ربأ وَارْتَبَأْتُهُمْ أَيْ رَقَبْتُهُمْ وَذَلِكَ إِذَا كُنْتَ لَهُمْ طَلِيعَةً فَوْقَ شَرَفٍ (فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ فَوَضَعَهُ فِيهِ) أَيْ وَقَعَهُ فِيهِ وَوَصَلَ إِلَى بَدَنِهِ وَلَمْ يُجَاوِزْهُ وَهَذَا مِنْ بَابِ الْمُبَالَغَةِ فِي إِصَابَةِ الْمَرْمَى وَصَوَابِ الرَّمْيِ وَالتَّقْدِيرُ رَمَاهُ بِسَهْمٍ فَمَا أَخْطَأَ نَفْسَهُ كَأَنَّهُ وَضَعَهُ فِيهِ وَضْعًا بِيَدِهِ مَا رَمَاهُ بِهِ رَمْيًا
وَفِي الْحَدِيثِ مَنْ رَفَعَ السِّلَاحَ ثُمَّ وَضَعَهُ فِي الْمُسْلِمِينَ فَدَمُهُ هَدَرٌ أَيْ مَنْ قَاتَلَ بِهِ مِنْ وَضَعَ الشَّيْءَ مِنْ يَدِهِ إِذَا أَلْقَاهُ فَكَأَنَّهُ أَلْقَاهُ فِي الضَّرِيبَةِ كَذَا فِي الْمَجْمَعِ (فَنَزَعَهُ) أَيْ نَزَعَ السَّهْمَ مِنْ جَسَدِهِ وَاسْتَمَرَّ فِي الصَّلَاةِ (حَتَّى رَمَاهُ بِثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ) وَلَفْظُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فَرَمَى بِسَهْمٍ فَوَضَعَهُ فِيهِ قَالَ فَنَزَعَهُ فَوَضَعَهُ فَثَبَتَ قَائِمًا ثُمَّ رَمَاهُ بِسَهْمٍ آخَرَ فَوَضَعَهُ فِيهِ فَنَزَعَهُ فَوَضَعَهُ وَثَبَتَ قَائِمًا ثُمَّ عَادَ لَهُ فِي الثَّالِثِ فَوَضَعَهُ فِيهِ فَنَزَعَهُ (ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ) الْأَنْصَارِيُّ وَلَمْ يَقْطَعْ صَلَاتَهُ لا شتغاله بِحَلَاوَتِهَا عَنْ مَرَارَةِ أَلَمِ الْجُرْحِ (ثُمَّ أَنْبَهَ صَاحِبَهُ) مِنَ الْإِنْبَاهِ وَصَاحِبُهُ مَفْعُولُهُ هَكَذَا فِي عَامَّةِ النُّسَخِ وَمَادَّتُهُ النُّبْهُ بِالضَّمِّ أَيِ الْقِيَامُ مِنَ النَّوْمِ وَيَتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ وَالتَّضْعِيفِ فَيُقَالُ أَنْبَهْتُهُ وَنَبَّهْتُهُ وَأَمَّا الِانْتِبَاهُ فَهُوَ لَازِمٌ يُقَالُ انْتَبَهَ مِنَ النَّوْمِ إِذَا اسْتَيْقَظَ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute