. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
خَمْسُونَ صَلَاة ثُمَّ يَرْجِع إِلَى مُوسَى فَيَرُدّهُ إِلَى رَبّه حَتَّى تَصِير خَمْسًا فَيَقُول تَعَالَى لَا يُبَدَّل الْقَوْل لَدَيَّ هِيَ خَمْس وَهِيَ خَمْسُونَ فِي الْأَجْر ثُمَّ يَفْرِضهَا فِي الْإِسْرَاء الثَّانِي خَمْسِينَ فَهَذَا مِمَّا يُجْزَم بِبُطْلَانِهِ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ كَقَوْلِ بَعْضهمْ فِي حَدِيث عِمْرَان بْن حصين كان الله ولا شيء قبله وكان ولا شيء غيره وكان وَلَا شَيْءَ مَعَهُ إِنَّهُ يَجُوز أَنْ تَكُون وَقَائِع مُتَعَدِّدَة وَهَذَا الْقَائِل لَوْ تَأَمَّلَ سِيَاق الْحَدِيث لَاسْتَحْيَا مِنْ هَذَا الْقَوْل فَإِنَّ سِيَاقه أَنَّهُ أَنَاخَ رَاحِلَته بِبَابِ الْمَسْجِد ثُمَّ تَفَلَّتَتْ فَذَهَبَ يَطْلُبهَا وَرَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيث فَقَالَ بَعْد ذَلِكَ وَايْمُ اللَّه وَدِدْت لَوْ أَنِّي قَعَدْت وَتَرَكْتهَا فيا سبحان الله أفي كُلّ مَرَّة يُتَّفَق لَهُ هَذَا وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذِهِ طَرِيقَة مَنْ لَا تَحْقِيق لَهُ
وَإِذَا كَانَ عُمَر إِنَّمَا سَأَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّة وَاحِدَة فَإِنْ كَانَ يَوْمًا فَلَا دَلَالَة فِيهِ وَإِنْ كَانَ لَيْلَة فَاللَّيَالِي قَدْ تُطْلَق وَيُرَاد بِهَا الْأَيَّام اِسْتِعْمَالًا فَاشِيًا فِي اللُّغَة لَا يُنْكَر كَيْف وَقَدْ رَوَى سَعِيد بْن بَشِير عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر عن نافع عن بن عمر أن عمر نذر أن يعتكف في الشِّرْك وَيَصُوم فَسَأَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَوْفِ بِنَذْرِك وَسَعِيد بْن بَشِير هذا وإن كان قد ضعفه بن الْمَدِينِيِّ وَيَحْيَى بْن مَعِينٍ وَالنَّسَائِيّ فَقَدْ قَالَ فِيهِ شُعْبَة كَانَ صَدُوق اللِّسَان وَقَالَ سُفْيَان بْن عُيَيْنَة كَانَ حَافِظًا وَقَالَ دُحَيْم هُوَ ثِقَة وَقَالَ كَانَ مَشْيَخَتُنَا يُوَثِّقُونَهُ
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ يَتَكَلَّمُونَ فِي حِفْظه وَهُوَ يُحْتَمَل وَقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حَاتِم سَمِعْت أَبِي يُنْكِر عَلَى مَنْ أَدْخَلَهُ فِي كِتَاب الضُّعَفَاء وَقَالَ محله الصدق وقال بن عَدِيٍّ الْغَالِب عَلَى حَدِيثه الِاسْتِقَامَة
وَقَدْ رَوَى عَبْد اللَّه بْن يَزِيد عَنْ عَمْرو بْن دينار عن بن عُمَر عَنْ عُمَر هَذَا الْحَدِيث وَفِيهِ فَأَمَرَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَعْتَكِف ويصوم ولكن تفرد به بن بديل وضعفه الدارقطني وقال بن عَدِيٍّ لَهُ أَحَادِيث مِمَّا يُنْكَر عَلَيْهِ الزِّيَادَة فِي مَتْنه أَوْ إِسْنَاده وَقَالَ أَبُو بَكْر النَّيْسَابُورِيّ هَذَا حَدِيث مُنْكَر لِأَنَّ الثِّقَات مِنْ أَصْحَاب عَمْرو بْن دِينَار لَمْ يَذْكُرُوهُ مِنْهُمْ بن جريج وبن عُيَيْنَة وَحَمَّاد بْن زَيْد وَحَمَّاد بْن سَلَمَة وبن بُدَيْل ضَعِيف الْحَدِيث فَهَذَا مِمَّا لَا حَاجَة بِنَا إِلَى الِاسْتِدْلَال بِهِ
وَحَدِيث سَعِيد بْن بشير أجود منه
وأما حديث بن عَبَّاس الَّذِي رَوَاهُ الْحَاكِم فَلَهُ عِلَّتَانِ إِحْدَاهُمَا أَنَّهُ مِنْ رِوَايَة عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الرَّمْلِيّ وَلَيْسَ بِالْحَافِظِ حَتَّى يُقْبَل مِنْهُ تَفَرُّده بِمِثْلِ هَذَا
الْعِلَّة الثَّانِيَة أَنَّ الْحُمَيْدِيّ وَعَمْرو بْن زُرَارَة رَوَيَاهُ عَنْ الدَّرَاوَرْدِيّ عَنْ أَبَى سهيل عن طاووس عن بن عَبَّاس مَوْقُوفًا عَلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب وَهُوَ الثابت عن بن عَبَّاس
وَأَمَّا حَدِيث عَائِشَة وَقِصَّة اِعْتِكَاف النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَشْر الْأُوَل مِنْ شَوَّال فَهَذَا قَدْ اِخْتَلَفَ فِيهِ لَفْظ الصَّحِيح
وَفِيهِ ثَلَاثَة أَلْفَاظ أَحَدهَا عَشْرًا مِنْ شَوَّال وَالثَّانِي فِي الْعَشْر الْأُوَل مِنْ شَوَّال وَالثَّالِث الْعَشْر الْأُوَل وَلَا رَيْب أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي اِعْتِكَاف يَوْم الْعِيد وَلَوْ كَانَ الثابت هو