وَهَزَمْنَاهُمْ وَقَالَ الَّذِينَ أَحْدَقُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَسْتُمْ بِأَحَقَّ مِنَّا نَحْنُ أَحْدَقْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخِفْنَا أَنْ يُصِيبَ الْعَدُوُّ مِنْهُ غِرَّةً فَاشْتَغَلْنَا به فنزلت يسألونك عن الأنفال الْآيَةَ فَقَسَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَوَاقٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَفِي لَفْظٍ لَهُ فِينَا أَصْحَاب بَدْرٍ نَزَلَتْ حِينَ اخْتَلَفْنَا فِي النَّفْلِ وَسَاءَتْ فِيهِ أَخْلَاقُنَا فَنَزَعَهُ اللَّهُ مِنْ أَيْدِينَا فَجَعَلَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَسَمَهُ بَيْنَنَا عَلَى سواء (يسألونك) يامحمد (عن الأنفال) الْغَنَائِمِ لِمَنْ هِيَ (قُلْ) لَهُمْ الْأَنْفَالُ لله والرسول يَجْعَلَانِهَا حَيْثُ شَاءَ (إِلَى قَوْلِهِ كَمَا أَخْرَجَكَ ربك إِلَخْ) وَتَمَامُ الْآيَةِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بينكم أَيْ حَقِيقَةَ مَا بَيْنَكُمْ بِالْمَوَدَّةِ وَتَرْكِ النِّزَاعِ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ
الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ
أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ
كَمَا أَخْرَجَكَ ربك من بيتك بالحق مُتَعَلِّقٌ بِأَخْرَجَ وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ وَالْكَافُ نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ الْأَنْفَالُ ثَابِتَةٌ لِلَّهِ ثُبُوتًا كَمَا أَخْرَجَكَ أَيْ ثُبُوتًا بِالْحَقِّ كَإِخْرَاجِكِ مِنْ بَيْتِكِ بالحق يعني أنه لامرية فِي ذَلِكَ
أَوْ أَنَّهَا فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَلَى خَبَرِ ابْتِدَاءٍ مُضْمَرٍ تَقْدِيرُهُ هَذِهِ الْحَالُ كَحَالِ إِخْرَاجِكِ بِمَعْنَى أَنَّ حَالَهُمْ فِي كَرَاهَةِ مَا رَأَيْتَ مِنْ تَنَفُّلِ الْغُزَاةِ مِثْلَ حَالِهِمْ فِي كَرَاهَةِ خُرُوجِهِمْ لِلْحَرْبِ
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ وَقَعَ لِلْمُسْلِمِينَ فِي وَقْعَةِ بَدْرٍ كَرَاهَتَانِ كَرَاهَةُ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ عَلَى السَّوِيَّةِ وَهَذِهِ الْكَرَاهَةُ مِنْ شُبَّانِهِمْ فَقَطْ وَهِيَ لِدَاعِي الطَّبْعِ وَلِتَأْوِيلِهِمْ بِأَنَّهُمْ بَاشَرُوا الْقِتَالَ دُونَ الشُّيُوخِ وَالْكَرَاهَةُ الثَّانِيَةُ كَرَاهَةُ قِتَالِ قُرَيْشٍ وَعُذْرُهُمْ فِيهَا أَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ ابتداء لقصد الغنيمة ولم يتهيأوا لِلْقِتَالِ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ كَرَاهَتِهِمْ لِلْقِتَالِ فَشَبَّهَ اللَّهُ إِحْدَى الْحَالَتَيْنِ بِالْأُخْرَى فِي مُطْلَقِ الْكَرَاهَةِ قَالَهُ سُلَيْمَانُ الْجَمَلُ
(وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لكارهون) الْخُرُوجَ
وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ قَدِمَ بِعِيرٍ مِنَ الشَّامِ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ لِيَغْنَمُوهَا فَعَلِمَتْ قُرَيْشٌ فَخَرَجَ أَبُو جَهْلٍ وَمُقَاتِلُو مَكَّةَ لِيَذُبُّوا عَنْهَا وَهُمُ النَّفِيرُ وَأَخَذَ أَبُو سُفْيَانَ بِالْعِيرِ طَرِيقَ السَّاحِلِ فَنَجَتْ فَقِيلَ لِأَبِي جَهْلٍ ارْجِعْ فَأَبَى وَسَارَ إِلَى بَدْرٍ فَشَاوَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهَ وَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَعَدَنِي إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ فَوَافَقُوهُ عَلَى قِتَالِ النَّفِيرِ وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ وقالوا لم نستعد له (يقول) أي بن عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى (فَكَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لَهُمْ) أَيْ كَانَ الْخُرُوجُ إِلَى بَدْرٍ خَيْرًا لَهُمْ لِمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مِنَ النَّصْرِ والظفر (فكذلك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute