وَالصُّلْحِ وَالذِّمَّةِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ
وَبَعْدَ الْأَمَانِ يَجُوزُ ذَلِكَ بِمَنْ نَقَضَ الْعَهْدَ وَأَعَانَ عَلَى قَتْلِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا فَعَلَ بِكَعْبٍ الْيَهُودِيِّ وَقِصَّتُهُ كَمَا عِنْدَ بن إِسْحَاقَ وَغَيْرِهِ أَنَّ كَعْبًا كَانَ شَاعِرًا وَكَانَ يَهْجُو رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُحَرِّضُ عَلَيْهِ كُفَّارَ قُرَيْشٍ وَكَانَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَكَانَ الْيَهُودُ وَالْمُشْرِكُونَ يُؤْذُونَ الْمُسْلِمِينَ أَشَدَّ الْأَذَى فَأَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ وَالْمُسْلِمِينَ بِالصَّبْرِ فَلَمَّا أَبَى كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ أَنْ يَنْزِعَ عَنْ أَذَاهُ وَقَدْ كَانَ عَاهَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ لَا يُعِينَ عَلَيْهِ أَحَدًا فَنَقَضَ كَعْبٌ الْعَهْدَ وَسَبَّهُ وَسَبَّ أَصْحَابَهُ وَكَانَ مِنْ عَدَاوَتِهِ أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ الْبَشِيرَانِ بِقَتْلِ مَنْ قَتَلَ بِبَدْرٍ وَأَسْرِ مَنْ أَسْرَ قَالَ كَعْبٌ أَحَقٌّ هَذَا أَتَرَوْنَ أَنَّ مُحَمَّدًا قَتَلَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُسَمِّي هَذَانِ الرَّجُلَانِ فَهَؤُلَاءِ أَشْرَافُ الْعَرَبِ وَمُلُوكُ النَّاسِ وَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ أَصَابَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ لَبَطْنُ الْأَرْضِ خَيْرٌ مِنْ ظَهْرِهَا فَلَمَّا أَيْقَنَ الْخَبَرَ وَرَأَى الْأَسْرَى مُقَرَّنِينَ كُبِتَ وَذَلَّ وَخَرَجَ إِلَى قُرَيْشٍ يَبْكِي عَلَى قَتْلَاهُمْ وَيُحَرِّضُهُمْ عَلَى قِتَالِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَشَبَّبَ بِنِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى آذَاهُمْ
كَذَا فِي شَرْحِ الْمَوَاهِبِ لِلزُّرْقَانِيِّ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ قَتْلَ كَعْبٍ كَانَ قَبْلَ النَّهْيِ كَمَا سَيَجِيءُ
هَذَا مُلَخَّصٌ مِنْ شَرْحِ أَبِي دَاوُدَ لِأَبِي الطَّيِّبِ
(مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ) أَيْ مَنِ الَّذِي يُنْتَدَبُ إِلَى قَتْلِهِ (قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ) لِأَنَّهُ كَانَ يَهْجُو النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمِينَ وَيُحَرِّضُ قُرَيْشًا (فَأْذَنْ لِي أَنْ أَقُولَ شَيْئًا) أَيْ قَوْلًا غَيْرَ مُطَابِقٍ لِلْوَاقِعِ يَسُرُّ كَعْبًا لِنَتَوَصَّلَ بِهِ إِلَى التَّمَكُّنِ مِنْ قَتْلِهِ وَإِنَّهُ اسْتَأْذَنَ أَنْ يَفْتَعِلَ شَيْئًا يَحْتَالُ بِهِ (فَأَتَاهُ) أَيْ أَتَى مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ (إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ) يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَقَدْ عَنَّانَا) بِالْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ الْأُولَى مِنَ الْعَنَاءِ وَهُوَ التَّعَبُ (قَالَ) أَيْ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ (وَأَيْضًا) أَيْ وَزِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ فَسَّرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَوْلُهُ (لَتَمَلُّنَّهُ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَالْمِيمِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الْمَضْمُومَةِ وَبِالنُّونِ الْمُشَدَّدَةِ مِنَ الْمَلَالِ أَيْ لَيَزِيدَنَّ مَلَالَتُكُمْ وَضَجَرُكُمْ عَنْهُ (أَنْ نَدَعَهُ) أَيْ نَتْرُكَهُ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ يَصِيرُ أَمْرُهُ أَيْ أَمْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ يَغْلِبُ النَّاسَ أَوْ يَغْلِبُهُ النَّاسُ كَذَا فِي فَتْحِ الْوَدُودِ (أَنْ تُسْلِفَنَا) السَّلَفُ وَالسَّلَمُ وَالْقَرْضُ (وَسْقًا) الْوَسْقُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا سِتُّونَ صَاعًا وَالصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ (أَيَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute