إِلَى تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَتَأَوَّلَ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِتَوْرِيثِهِمْ حَدِيثَ الْمِقْدَامِ عَلَى أَنَّهُ طُعْمَةٌ أَطْعَمَهَا عَلَيْهِ السَّلَامُ الْخَالَ عِنْدَ عَدَمِ الْوَارِثِ لَا عَلَى أَنْ يَكُونَ لِلْخَالِ مِيرَاثٌ وَلَكِنَّهُ لَمَّا جَعَلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَخْلُفُ الْمَيِّتَ فِيمَا يَصِيرُ إِلَيْهِ مِنَ الْمَالِ سَمَّاهُ وَارِثًا عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ كَمَا قِيلَ الصَّبْرُ حِيلَةُ مَنْ لَا حِيلَةَ لَهُ وَالْجُوعُ طَعَامُ مَنْ لَا طَعَامَ لَهُ انْتَهَى مُخْتَصَرًا
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ المنذري
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
لَا عِلَّة فِيهَا فَصَحِيح وَلَكِنْ هَذَا لَا يَمْنَع الِاحْتِجَاج بِهَا وَلَا يُوجِب اِنْحِطَاطهَا عَنْ دَرَجَة الْحَسَن بَلْ هَذِهِ الْأَحَادِيث وَأَمْثَالهَا هِيَ الْأَحَادِيث الْحِسَان فَإِنَّهَا قَدْ تَعَدَّدَتْ طُرُقهَا وَرُوِيَتْ مِنْ وُجُوه مُخْتَلِفَة وَعُرِفَتْ مَخَارِجهَا وَرُوَاتهَا لَيْسُوا بِمَجْرُوحِينَ وَلَا مُتَّهَمِينَ
وَقَدْ أَخْرَجَهَا أَبُو حَاتِم بْن حِبَّان فِي صَحِيحه وَحَكَمَ بِصِحَّتِهَا
وَلَيْسَ فِي أَحَادِيث الْأُصُول مَا يُعَارِضهَا
وَقَدْ رُوِيَتْ مِنْ حَدِيث الْمِقْدَام بْن مَعْدِي كَرِب هَذَا وَمِنْ حَدِيث عُمَر بْن الْخَطَّاب ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيّ عَنْ حَكِيم بْن حَكِيم عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْن سَهْل بْن حُنَيْف قَالَ كَتَبَ عُمَر بْن الْخَطَّاب إِلَى أَبِي عُبَيْدَة إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّه وَرَسُوله مَوْلَى مَنْ لَا مَوْلَى لَهُ وَالْخَال وَارِث مَنْ لَا وَارِث لَهُ قَالَ التِّرْمِذِيّ هذا حديث حسن
ورواه بن حِبَّان فِي صَحِيحه وَلَمْ يَصْنَع مَنْ أَعَلَّ هَذَا الْحَدِيث بِحَكِيمِ بْن حَكِيم وَأَنَّهُ مَجْهُول شَيْئًا فَإِنَّهُ قَدْ رَوَى عَنْهُ سُهَيْل بْن صَالِح وَعَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَارِث وَعُثْمَان بْن حَكِيم أَخُوهُ
وَلَمْ يُعْلَم أَنَّ أَحَدًا جَرَّحَهُ وَبِمِثْلِ هَذَا يَرْتَفِع عَنْهُ الْجَهَالَة وَيُحْتَجّ بِحَدِيثِهِ
وَمِنْ حَدِيث عَائِشَة ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيّ أَيْضًا عَنْ بن جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرو بْن مُسْلِم عَنْ طَاوُس عَنْ عَائِشَة تَرْفَعهُ الْخَال وَارِث مَنْ لَا وَارِث لَهُ قَالَ التِّرْمِذِيّ حَسَن غَرِيب
قَالَ وَإِلَى هَذَا الْحَدِيث ذَهَبَ أَكْثَر أَهْل الْعِلْم فِي تَوْرِيث ذَوِي الْأَرْحَام
وَأَمَّا زَيْد بْن ثَابِت فَلَمْ يُوَرِّثهُمْ
وَقَدْ أَرْسَلَهُ بَعْضهمْ وَلَمْ يَذْكُر فِيهِ عَنْ عَائِشَة تَمَّ كَلَامه
وَهَذَا عَلَى طَرِيقَة مُنَازِعِينَا لَا يَضُرّ الْحَدِيث شَيْئًا لِوَجْهَيْنِ أَحَدهمَا أَنَّهُمْ يَحْكُمُونَ بِزِيَادَةِ الثِّقَة
وَاَلَّذِي وَصَلَهُ ثِقَة وَقَدْ زَادَ فَيَجِب عِنْدهمْ قَبُول زِيَادَته
الثَّانِي أَنَّهُ مُرْسَل قَدْ عَمِلَ بِهِ أَكْثَر أَهْل الْعِلْم كَمَا قَالَ التِّرْمِذِيّ وَمِثْل هَذَا حُجَّة عِنْد مَنْ يَرَى الْمُرْسَل حُجَّة كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيّ
وَأَمَّا حَمْل الْحَدِيث عَلَى الْخَال الَّذِي هُوَ عَصَبَته فَبَاطِل يُنَزَّه كَلَام الرَّسُول عَنْ أَنْ يُحْمَل عَلَيْهِ لِمَا يَتَضَمَّنهُ مِنْ اللَّبْس فَإِنَّهُ إِنَّمَا عَلَّقَ الْمِيرَاث بِكَوْنِهِ خَالًا فَإِذَا كَانَ سَبَب تَوْرِيثه كَوْنه بن عَمّ أَوْ مَوْلًى