والنسائي وبن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ حَرْبٍ
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَفِي إِسْنَادِهِ عُمَرُ بْنُ رُوَيَّةَ التَّغْلِبِيُّ قَالَ الْبُخَارِيُّ فِيهِ نَظَرٌ وَسُئِلَ عَنْهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ فَقَالَ صَالِحُ الْحَدِيثِ قِيلَ تَقُومُ بِالْحُجَّةِ فَقَالَ لَا وَلَكِنْ صَالِحٌ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ وَهَذَا الْحَدِيثُ غَيْرُ ثَابِتٍ عِنْدَ أَهْلِ النَّقْلِ
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ لَمْ يُثْبِتِ الْبُخَارِيُّ وَلَا مُسْلِمٌ هَذَا الْحَدِيثُ لِجَهَالَةِ بَعْضِ رُوَاتِهِ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
حَتَّى لَوْ لَمْ تَرِد هَذِهِ الْآثَار لَكَانَ هَذَا مَحْض الْقِيَاس الصَّحِيح
وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ عَصَبَة أُمّه عَصَبَة لَهُ فَهِيَ أَوْلَى أَنْ تَكُون عَصَبَته لِأَنَّهُمْ فَرْعهَا وَهُمْ إِنَّمَا صَارُوا عَصَبَة لَهُ بِوَاسِطَتِهَا وَمِنْ جِهَتهَا اِسْتَفَادُوا تَعْصِيبهمْ فَلَأَنْ تَكُون هِيَ نَفْسهَا عَصَبَة أَوْلَى وَأَحْرَى
فَإِنْ قِيلَ لَوْ كَانَتْ أُمّه بِمَنْزِلَةِ أُمّه وَأَبِيهِ لَحَجَبَتْ إِخْوَته وَلَمْ يَرِثُوا مَعَهَا شَيْئًا وَأَيْضًا فَإِنَّهُمْ إِنَّمَا يَرِثُونَ مِنْهُ بِالْفَرْضِ فَكَيْف يَكُونُونَ عَصَبَة لَهُ فَالْجَوَاب إِنَّهَا إِنَّمَا لَمْ تَحْجُب إِخْوَته مِنْ حَيْثُ إِنَّ تَعْصِيبهَا مُفَرَّع عَلَى اِنْقِطَاع تَعْصِيبه مِنْ جِهَة الْأَب كَمَا أَنَّ تَعْصِيب الْوَلَاء مُفَرَّع عَلَى اِنْقِطَاع التَّعْصِيب مِنْ جِهَة النَّسَب فَكَمَا لَا يَحْجُب عَصَبَة الْوَلَاء أَحَدًا مِنْ أَهْل النَّسَب كَذَلِكَ لَا تَحْجُب الْأُمّ الْإِخْوَة لِضَعْفِ تَعْصِيبهَا وَكَوْنه إِنَّمَا صَارَ إِلَيْهَا ضَرُورَة تَعَذُّره مِنْ جِهَة أَصْله وَهُوَ بِعَرْضِ الزَّوَال بِأَنْ يُقِرّ بِهِ الْمُلَاعِن فَيَزُول
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْإِخْوَة اِسْتَفَادُوا مِنْ جِهَتهَا أَمْرَيْنِ أُخُوَّة وَلَد الْمُلَاعَنَة وَتَعْصِيبه
فَهُمْ يَرِثُونَ أَخَاهُمْ مَعَهَا بِالْأُخُوَّةِ لَا بِالتَّعْصِيبِ وَتَعْصِيبهَا إِنَّمَا يَدْفَع تَعْصِيبهمْ لَا أُخُوَّتهمْ وَلِهَذَا وَرِثُوا مَعَهَا بِالْفَرْضِ لَا بِالتَّعْصِيبِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيق
الْجُمْلَة الثَّالِثَة فِي حَدِيث وَاثِلَة مِيرَاث اللَّقِيط وَهَذَا قَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ
فَذَهَبَ الْجُمْهُور إِلَى أَنَّهُ لَا تَوَارُث بَيْنه وَبَيْن مُلْتَقِطه بِذَلِكَ
وَذَهَبَ إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ إِلَى أَنَّ مِيرَاثه لِمُلْتَقِطِهِ عِنْد عَدَم نَسَبه لِظَاهِرِ حَدِيث وَاثِلَة وَإِنْ صَحَّ الْحَدِيث فَالْقَوْل مَا قَالَ إِسْحَاق لِأَنَّ إِنْعَام الْمُلْتَقِط عَلَى اللَّقِيط بِتَرْبِيَتِهِ وَالْقِيَام عَلَيْهِ وَالْإِحْسَان إِلَيْهِ لَيْسَ بِدُونِ إِنْعَام الْمُعْتِق عَلَى الْعَبْد بِعِتْقِهِ فَإِذَا كَانَ الْإِنْعَام بِالْعِتْقِ سَبَبًا لِمِيرَاثِ الْمُعْتَق مَعَ أَنَّهُ لَا نَسَب بَيْنهمَا فَكَيْف يُسْتَبْعَد أَنْ يَكُون الْإِنْعَام بِالِالْتِقَاطِ سَبَبًا لَهُ مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَكُون أَعْظَم مَوْقِعًا وَأَتَمّ نِعْمَة وَأَيْضًا فَقَدْ سَاوَى هَذَا الْمُلْتَقِط الْمُسْلِمِينَ فِي مَال اللَّقِيط وَامْتَازَ عَنْهُمْ بِتَرْبِيَةِ اللَّقِيط وَالْقِيَام بِمَصَالِحِهِ وَإِحْيَائِهِ مِنْ الْهَلَكَة فَمِنْ مَحَاسِن الشَّرْع وَمَصْلَحَته وَحِكْمَته أَنْ يَكُون أَحَقّ بِمِيرَاثِهِ
وَإِذَا تَدَبَّرْت هَذَا وَجَدْته أَصَحّ مِنْ كَثِير مِنْ الْقِيَاسَات الَّتِي يَبْنُونَ عَلَيْهَا الْأَحْكَام وَالْعُقُول أَشَدّ قَبُولًا لَهُ