عَلَى أَنَّهُ لَا يَرِثُ أَيْضًا وَذَهَبَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَمُعَاوِيَةُ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَمَسْرُوقٌ رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَغَيْرُهُمْ إِلَى أَنَّهُ يَرِثُ مِنَ الْكَافِرِ وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ هَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ
وَالْمُرَادُ مِنْ حَدِيثِ الْإِسْلَامِ فَضْلُ الْإِسْلَامِ عَلَى غَيْرِهِ وَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلْمِيرَاثِ فَلَا يُتْرَكُ النَّصُّ الصَّرِيحُ وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ فَلَا يَرِثُ الْمُسْلِمَ بِالْإِجْمَاعِ
وَأَمَّا الْمُسْلِمُ مِنَ الْمُرْتَدِّ فَفِيهِ أَيْضًا الْخِلَافُ فَعِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَرَبِيعَةَ وبن أَبِي لَيْلَى وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَرِثُ مِنْهُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ مَا اكْتَسَبَهُ فِي رِدَّتِهِ فَهُوَ لِبَيْتِ الْمَالِ وَمَا اكْتَسَبَهُ فِي الْإِسْلَامِ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
[٢٩١٠] (وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مَنْزِلًا) وَزَادَ بن مَاجَهْ فِي رِوَايَتِهِ وَكَانَ عَقِيلٌ وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ هُوَ وَطَالِبٌ وَلَمْ يَرِثْ جَعْفَرٌ وَلَا عَلِيٌّ شَيْئًا لِأَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ وَكَانَ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ كَافِرَيْنِ فَكَانَ عُمَرُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ يَقُولُ لَا يَرِثُ الْمُؤْمِنُ الْكَافِرَ انْتَهَى
قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَوْضِعُ اسْتِدْلَالِ أَبِي دَاوُدَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ فِي أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَرِثُ الْكَافِرَ أَنَّ عَقِيلًا لَمْ يَكُنْ أَسْلَمَ يَوْمَ وَفَاةِ أَبِي طَالِبٍ فَوَرِثَهُ وَكَانَ عَلِيٌّ وَجَعْفَرٌ مُسْلِمَيْنِ فَلَمْ يَرِثَاهُ وَلَمَّا مَلَكَ عَقِيلٌ رِبَاعَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بَاعَهَا فَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهَلْ تَرَكَ عَقِيلٌ مَنْزِلًا انْتَهَى (بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ) بِفَتْحِ الْخَاءِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ مَا ارْتَفَعَ عَنِ السَّيْلِ وَانْحَدَرَ عَنِ الْجَبَلِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمُحَصَّبُ (حَيْثُ قَاسَمَتْ) أَيْ حَالَفَتْ (يَعْنِي الْمُحَصَّبَ) تَفْسِيرٌ لِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ
قَالَ فِي الْمَجْمَعِ الْمُحَصَّبُ هُوَ الشِّعْبُ الَّذِي مَخْرَجُهُ إِلَى الْأَبْطَحِ بَيْنَ مَكَّةَ وَمِنًى (حَالَفَتْ قُرَيْشًا) قَالَ النَّوَوِيُّ تَحَالَفُوا عَلَى إِخْرَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute