قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ أَيْ إِذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ الْمِيرَاثُ الْمُخَلَّفُ عَنْ أَبِيهِ أَوْ أَخِيهِ فَلَا مِيرَاثَ لَهُ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِوَقْتِ الْمَوْتِ لَا بِوَقْتِ الْقِسْمَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ انْتَهَى
(كُلُّ قَسْمٍ) مَصْدَرٌ أُرِيدَ بِهِ الْمَالُ الْمَقْسُومُ (قُسِمَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ عَلَى قَسِمَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ بَيَانُ أَنَّ أَحْكَامَ الْأَمْوَالِ وَالْأَسْبَابِ وَالْأَنْكِحَةِ الَّتِي كَانَتْ في الجاهلية
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
وَكَذَلِكَ الْأَمْوَال لَمْ يَسْأَل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا بَعْد إِسْلَامه عَنْ مَاله وَوَجْه أَخْذه وَلَا تَعَرَّضَ لِذَلِكَ
وَكَذَلِكَ لِلْأَسْبَابِ الْأُخْرَى كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُسْتَلْحَق فِي بَابه
وَهَذَا أَصْل مِنْ أُصُول الشَّرِيعَة يَنْبَنِي عَلَيْهِ أَحْكَام كَثِيرَة
وَأَمَّا الرَّجُل يُسْلِم عَلَى الْمِيرَاث قَبْل أَنْ يُقَسَّم فَرُوِيَ عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب وَعُثْمَان وَعَبْد اللَّه بْن مَسْعُود وَالْحَسَن بْن عَلِيّ أَنَّهُ يَرِث وَقَالَ بِهِ جَابِر بْن زَيْد وَالْحَسَن وَمَكْحُول وَقَتَادَةُ وَحُمَيْدٌ وَإِيَاس بْن مُعَاوِيَة وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ وَالْإِمَام أَحْمَد فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ اِخْتَارَهَا أَكْثَر أَصْحَابه
وَذَهَبَ عَامَّة الْفُقَهَاء إِلَى أَنَّهُ لَا يَرِث كَمَا لَوْ أَسْلَمَ بَعْد الْقِسْمَة وَهَذَا مَذْهَب الثلاثة
وذكر بن عَبْد الْبَرّ فِي التَّمْهِيد أَنَّ عُمَر قَضَى أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاث قَبْل أَنْ يُقَسَّم فَلَهُ نَصِيبه
وَقَضَى بِهِ عُثْمَان
وَاحْتَجَّ لِهَذَا الْقَوْل الْأَوَّل بِمَا رَوَى سَعِيد بْن مَنْصُور فِي سُنَنه عَنْ عُرْوَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْء فَهُوَ لَهُ وَرَوَاهُ أَيْضًا عن بن أَبِي مُلَيْكَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ هَذَا
وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ قَضَاء اِنْتَشَرَ فِي الصَّحَابَة مِنْ عمر وعثمان ولم يعلم لهما مخالفا
وَفِيهِ نَظَر فَإِنَّ الْمَشْهُور عَنْ عَلِيّ أَنَّهُ لَا يَرِث
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِأَنَّ التَّرِكَة إِنَّمَا يَتَحَقَّق اِنْتِقَالهَا إِلَيْهِمْ بِقِسْمَتِهَا وَحَوْزهَا وَاخْتِصَاص كُلّ مِنْ الْوَارِثِينَ بِنَصِيبِهِ وَمَا قَبْل ذَلِكَ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ مَا قَبْل الْمَوْت
وَالتَّحْقِيق أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ مَا قَبْل الْمَوْت مِنْ وَجْه وَبِمَنْزِلَةِ مَا قَبْل الْقِسْمَة مِنْ وَجْه فَإِنَّهُمْ مَلَكُوهَا بِالْمَوْتِ مِلْكًا قَهْرِيًّا وَنَمَاؤُهَا لَهُمْ وَابْتَدَأَ حَوْل الزَّكَاة مِنْ حِين الْمَوْت وَلَكِنْ هِيَ قَبْل الْقِسْمَة كالباقي على