عَاهَدْتُمُوهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى النُّصْرَةِ وَالْإِرْثِ (فَآتُوهُمْ) أَيِ الْآنَ (نَصِيبَهُمْ) أَيْ حَظَّهُمْ مِنَ الْمِيرَاثِ وَهُوَ السُّدُسُ (كَانَ الرَّجُلُ يُحَالِفُ الرَّجُلَ) أَيْ يُعَاهِدُهُ عَلَى الْأُخُوَّةِ وَالنُّصْرَةِ وَالْإِرْثِ (فَنَسَخَ ذَلِكَ) فِي مَحَلِّ النَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ أَيْ قَوْلُهُ تَعَالَى وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ (الْأَنْفَالُ) بِالرَّفْعِ أَيْ قَوْلُهُ تَعَالَى وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ في سورة الأنفال (فقال وأولو الأرحام إِلَخْ) أَيْ وَأُولُو الْقَرَابَاتِ أَوْلَى بِالتَّوَارُثِ وَهُوَ نَسْخٌ لِلتَّوَارُثِ بِالْهِجْرَةِ وَالنُّصْرَةِ
قَالَ الْخَازِنُ قَالَ بن عَبَّاسٍ كَانُوا يَتَوَارَثُونَ بِالْهِجْرَةِ وَالْإِخَاءِ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ أَيْ فِي الْمِيرَاثِ فَبَيَّنَ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ سَبَبَ الْقَرَابَةِ أَقْوَى وَأَوْلَى مِنْ سَبَبِ الْهِجْرَةِ وَالْإِخَاءِ وَنُسِخَ بِهَذِهِ الْآيَةِ ذَلِكَ التَّوَارُثُ
وَقَوْلُهُ في كتاب الله يَعْنِي فِي حُكْمِ اللَّهِ أَوْ أَرَادَ بِهِ الْقُرْآنَ وَهِيَ أَنَّ قِسْمَةَ الْمَوَارِيثِ مَذْكُورَةٌ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَهُوَ الْقُرْآنُ
وَتَمَسَّكَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَمَنْ وَافَقَهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمَنْ وَافَقَهُ بأنه لما قال في كتاب الله كَانَ مَعْنَاهُ فِي حُكْمِ اللَّهِ الَّذِي بَيَّنَهُ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ فَصَارَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مُقَيَّدَةٌ بِالْأَحْكَامِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي سُورَةِ النِّسَاءِ مِنْ قِسْمَةِ الْمَوَارِيثِ وَإِعْطَاءِ أَهْلِ الْفُرُوضِ فُرُوضَهُمْ وَمَا بَقِيَ فَلِلْعَصَبَاتِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ وَفِيهِ مقال
[٢٩٢٢] (تُوَرَّثُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيِ الْمُهَاجِرُونَ وَتَأْنِيثُ الضَّمِيرِ بِتَأْوِيلِ الْجَمَاعَةِ (الْأَنْصَارَ) بِالنَّصْبِ وَالْمَعْنَى أُعْطُوا الْمِيرَاثَ مِنَ الْأَنْصَارِ (دُونَ ذَوِي رَحِمِهِ) أَيْ أَقَارِبِهِ
وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ فِي التَّفْسِيرِ كَانَ الْمُهَاجِرُونَ لَمَّا قدمو الْمَدِينَةَ يُوَرَّثُ الْمُهَاجِرِيُّ الْأَنْصَارِيَّ دُونَ ذَوِي رَحِمِهِ (لِلْأُخُوَّةِ) مُتَعَلِّقٌ بِتُوَرَّثُ (بَيْنَهُمْ) أَيْ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ (وَلِكُلٍّ) أَيْ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ (جَعَلْنَا مَوَالِيَ) وُرَّاثًا يَلُونَهُ وَيُحْرِزُونَهُ
قَالَهُ النَّسَفِيُّ
وَقَالَ الْخَازِنُ يَعْنِي وَرَثَةً مِنْ بَنِي عَمِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute