أُعْطِيتَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (فَإِنِّي قَدْ عَمِلْتُ) أَيْ عَمَلًا مِنْ أَعْمَالِ الْإِمَارَةِ (فَعَمَّلَنِي) بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَيْ أَعْطَانِي الْعُمَالَةَ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ بَيَانُ جَوَازِ أَخْذِ الْعَامِلِ الْأُجْرَةَ بِقَدْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ فِيمَا يَتَوَلَّاهُ مِنَ الْأَمْرِ
وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى لِلْعَامِلِينَ سَهْمًا فِي الصَّدَقَةِ فَقَالَ (وَالْعَامِلِينَ عليها) فَرَأَى الْعُلَمَاءُ أَنْ يُعْطَوْا عَلَى قَدْرِ عَنَائِهِمْ وَسَعْيِهِمْ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ أَتَمُّ مِنْهُ وَهُوَ أَحَدُ الْأَحَادِيثِ الَّتِي اجْتَمَعَ فِي إِسْنَادِهَا أَرْبَعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ يَرْوِي بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ
[٢٩٤٥] (مَنْ كَانَ لَنَا عَامِلًا فَلْيَكْتَسِبْ إِلَخْ) أَيْ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِمَّا فِي تَصَرُّفِهِ مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ قَدْرِ مَهْرِ زَوْجَةٍ وَنَفَقَتِهَا وَكِسْوَتِهَا وَكَذَلِكَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ إِسْرَافٍ وَتَنَعُّمٍ فَإِنْ أَخَذَ أَكْثَرَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ ضَرُورَةً فهو حرام عليه
ذكره القارىء نَقْلًا عَنِ الْمُظْهِرِ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا يَتَأَوَّلُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ إِنَّمَا أَبَاحَ اكْتِسَابَ الْخَادِمِ وَالْمَسْكَنِ مِنْ عُمَالَتِهِ الَّتِي هِيَ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْتَفِقَ بِشَيْءٍ سِوَاهَا وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنَّ لِلْعَامِلِ السُّكْنَى وَالْخِدْمَةَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَسْكَنٌ وَلَا خَادِمٌ اسْتُؤْجِرَ لَهُ مَنْ يَخْدُمُهُ فَيَكْفِيهِ مِهْنَةَ مِثْلِهِ وَيُكْتَرَى لَهُ مَسْكَنٌ يَسْكُنُهُ مُدَّةَ مُقَامِهِ فِي عَمَلِهِ انْتَهَى (قَالَ) أَيِ الْمُسْتَوْرِدُ (قَالَ أَبُو بَكْرٍ) يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (أُخْبِرْتُ) بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ الْمَجْهُولِ
وَأَوْرَدَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ وَلَيْسَ فِيهِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ أَيْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَرُوِيَ مِنْ طَرِيقِ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ الْمُسْتَوْرِدَ بْنَ شَدَّادٍ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ وَلِيَ لَنَا عَمَلًا وَلَيْسَ لَهُ مَنْزِلٌ فَلْيَتَّخِذْ مَنْزِلًا أَوْ لَيْسَتْ لَهُ زَوْجَةٌ فَلْيَتَزَوَّجْ أَوْ لَيْسَ له خادم فلتخذ خَادِمًا أَوْ لَيْسَتْ لَهُ دَابَّةٌ فَلْيَتَّخِذْ دَابَّةً وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ غَالٌّ انْتَهَى
وَفِي رِوَايَةِ لَهُ فَهُوَ غَالٌّ أَوْ سَارِقٌ انْتَهَى (غَيْرَ ذَلِكَ) أَيْ غَيْرَ مَا ذُكِرَ (فَهُوَ غَالٌّ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ خَائِنٌ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute