مِنَ الْجَزَاءِ كَأَنَّهَا جَزَتْ عَنْ قَتْلِهِ (لَمْ يَضْرِبْ) عُمَرُ (فِيهَا) فِي الْجِزْيَةِ (بِخُمُسٍ وَلَا مَغْنَمٍ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْخُمُسِ فِي الْجِزْيَةِ وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ مَعْرُوفٌ فِي الْفِقْهِ
وَفِي الْهِدَايَةِ وَالْبِنَايَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ كُتُبِ الْأَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ وَمَا أَوْجَفَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ بِغَيْرِ قِتَالٍ يُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا يُصْرَفُ الْخَرَاجُ وَالْجِزْيَةُ كَعِمَارَةِ الرِّبَاطَاتِ وَالْقَنَاطِرِ وَالْجُسُورِ وَسَدِّ الثُّغُورِ وَكَرْيِ الْأَنْهَارِ الْعِظَامِ الَّتِي لَا مِلْكَ لِأَحَدٍ فِيهَا كَجَيْحُونَ وَالْفُرَاتِ وَدِجْلَةَ وَإِلَى أَرْزَاقِ الْقُضَاةِ وَالْمُحْتَسِبِينَ وَالْمُعَلِّمِينَ وَأَرْزَاقِ الْمُقَاتِلَةِ وَحِفْظِ الطَّرِيقِ مِنَ اللُّصُوصِ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ
قَالُوا وَمَا أَوْجَفَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ هُوَ مِثْلُ الْأَرَاضِي الَّتِي أَجْلَوْا أَهْلَهَا عَنْهَا وَمِثْلُ الْجِزْيَةِ وَلَا خُمُسَ فِي ذَلِكَ
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ كُلَّ مَالٍ أُخِذَ مِنَ الْكُفَّارِ بِلَا قِتَالٍ عَنْ خَوْفٍ أَوْ أُخِذَ مِنْهُمْ لِلْكَفِّ عَنْهُمْ يُخَمَّسُ وَمَا أُخِذَ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ كَالْجِزْيَةِ وَعُشْرِ التِّجَارَةِ وَمَالِ مَنْ مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ فَفِي الْقَدِيمِ لَا يُخَمَّسُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَفِي الْجَدِيدِ يُخَمَّسُ وَلِأَحْمَدَ في العيء رِوَايَتَانِ الظَّاهِرُ مِنْهُمَا لَا يُخَمَّسُ ثُمَّ هَذَا الْخُمُسُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُصْرَفُ إِلَى مَا يُصْرَفُ إليه خمس الغنيمة عنده
قال بن الْهُمَامِ وَاسْتَدَلَّ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ بِعَمَلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ وَنَصَارَى نَجْرَانَ وَفَرَضَ الْجِزْيَةَ عَلَى أَهْلِ الْيَمَنِ عَلَى كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا وَلَمْ يُنْقَلْ قَطُّ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ خَمَّسَهُ بَلْ كَانَ بَيْنَ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ كَانَ لَنَقَلَهُ وَلَوْ بِطَرِيقٍ ضَعِيفٍ عَلَى مَا قَضَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَمُخَالَفَةُ مَا قَضَتْ بِهِ الْعَادَةُ بَاطِلَةٌ فَوُقُوعُهُ بَاطِلٌ وَقَدْ وَرَدَ فِيهِ خِلَافُهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَعْفٌ ثُمَّ أَوْرَدَ رِوَايَةَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ هَذِهِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِيهِ رِوَايَةُ مَجْهُولٍ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَمْ يُدْرِكْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَالْمَرْفُوعُ مِنْهُ مُرْسَلٌ الِافْتِرَاضُ بِالْفَاءِ الْفَرْضُ وَهُوَ مَا يُقْطَعُ مِنَ الْعَطَاءِ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ
[٢٩٦٢] (عَنْ غُضَيْفٍ) بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مُصَغَّرًا وَيُقَالُ بِالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ يُكَنَّى أَبَا أَسْمَاءَ حِمْصِيٌّ مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ (يَقُولُ) أَيْ عُمَرُ (بِهِ) أَيْ بِالْحَقِّ أَوِ التَّقْدِيرُ يَقُولُ الْحَقَّ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْوَضْعِ وَالْجُمْلَةُ اسْتِئْنَافُ بَيَانٍ أو حال عيان قاله القارىء
قال المنذري وأخرجه بن مَاجَهْ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute