وَأَذَّنَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ بِمَسْجِدِهَا سَبْعِينَ سَنَةً (مُؤَمَّلٌ) عَلَى وَزْنِ مُحَمَّدٍ (فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى خَرَجَ فِي حَالِ الْإِقَامَةِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْإِقَامَةُ تَقَدَّمَتْ خُرُوجَهُ وَكَانَ مِنْ شَأْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يُكَبِّرَ حَتَّى تَسْتَوِيَ الصُّفُوفُ وَكَانَتْ تَسْوِيَةُ الصُّفُوفِ سُنَّةً مَعْهُودَةً عِنْدَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ (فِي مَقَامِهِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ فِي مُصَلَّاهُ (ذَكَرَ) أَيْ تَذَكَّرَ لَا أَنَّهُ قَالَ لَفْظًا وَعَلِمَ الرَّاوِي بِذَلِكَ مِنْ قَرَائِنِ الْحَالِ أَوْ بِإِعْلَامِهِ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ (يَنْطِفُ) بِكَسْرِ الطَّاءِ وَضَمِّهَا أَيْ يَقْطُرُ (صُفُوفٌ) جَمْعُ الصَّفِّ يُقَالُ صَفَفْتُ الشَّيْءَ صَفًّا مِنْ بَابِ قَتَلَ فَهُوَ مَصْفُوفٌ وَصَفَفْتُ الْقَوْمَ فَاصْطَفُّوا (فَلَمْ نَزَلْ قِيَامًا نَنْتَظِرُهُ) وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى الرِّوَايَةِ الْمُرْسَلَةِ الَّتِي فِيهَا ثُمَّ أَوْمَأَ إِلَى الْقَوْمِ أَنِ اجْلِسُوا وَسَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ أَلْفَاظِ بَقِيَّةِ الرُّوَاةِ فلعلها كانت نحو لفظ بن حَرْبٍ وَعَيَّاشٍ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَفِي لَفْظِ الْبُخَارِيِّ ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ فَكَبَّرَ فَصَلَّيْنَا مَعَهُ وَفِي لَفْظِ مُسْلِمٍ حَتَّى خَرَجَ إِلَيْنَا وَقَدِ اغْتَسَلَ يَنْطِفُ رأسه ماءا فَكَبَّرَ فَصَلَّى بِنَا انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ
وَاعْلَمْ أَنَّ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا فَوَائِدُ مِنْهَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى مَنِ احْتَلَمَ فِي الْمَسْجِدِ فَأَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَقَدْ بَوَّبَ الْبُخَارِيُّ إِذَا ذَكَرَ فِي الْمَسْجِدِ أَنَّهُ جُنُبٌ يَخْرُجُ كَمَا هُوَ وَلَا يَتَيَمَّمُ وَأَوْرَدَ فِيهِ هَذَا الْحَدِيثَ
وَمِنْهَا جَوَازُ الْفَصْلِ بَيْنَ الْإِقَامَةِ وَالصَّلَاةِ لِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى بِهِمْ فِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِي رِوَايَةِ الْمُؤَلِّفِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرَةَ ظَاهِرٌ أَنَّ الْإِقَامَةَ لَمْ تُعَدْ وَلَمْ تُجَدَّدْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِالضَّرُورَةِ وَبِأَمْنِ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَعَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا بَعُدَتِ الْإِقَامَةُ مِنَ الْإِحْرَامِ تُعَادُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ
وَمِنْهَا جَوَازُ انْتِظَارِ الْمَأْمُومِينَ مَجِيءَ الْإِمَامِ قِيَامًا عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَهُوَ غَيْرُ الْقِيَامِ الْمَنْهِيِّ فِي حَدِيثِ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ رِوَايَةَ أَبِي بَكْرَةَ الْمُتَّصِلَةَ وَرِوَايَاتِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَالرَّبِيعِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُرْسَلَةِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انصرف بعد ما دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَكَبَّرَ
وَكَذَا رِوَايَةُ أَبِي هريرة التي أخرجها بن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالَّتِي أَخْرَجَهَا البيهقي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute