عَبْدِ الْمَدَانِ) أَيْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ شَمِيرِ بْنِ عَبْدِ الْمَدَانِ وَأَمَّا قُتَيْبَةُ فَقَالَ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ شَمِيرٍ فَقَطْ بِغَيْرِ نِسْبَتِهِ إِلَى أَبِيهِ (عَنْ أَبْيَضَ بْنِ حَمَّالٍ) بِالْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ لَهُ صُحْبَةٌ وكان اسمه اسود وسماه رسول الله أبيض
قال القارىء (أَنَّهُ وَفَدَ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَفَدَ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ وَقِيلَ بَلْ لَقِيَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ
قَالَهُ فِي مِرْقَاةِ الصُّعُودِ (فَاسْتَقْطَعَهُ الْمِلْحُ) أَيْ مَعْدِنُ الْمِلْحِ أَيْ سَأَلَهُ أَنْ يُقْطِعَهُ إِيَّاهُ (قَالَ بن الْمُتَوَكِّلِ الَّذِي بِمَأْرِبَ) أَيْ قَالَ فِي رِوَايَتِهِ فَاسْتَقْطَعَهُ الْمِلْحَ الَّذِي بِمَأْرِبَ وَمَأْرِبُ مَوْضِعٌ بِالْيَمَنِ غَيْرُ مَصْرُوفٍ (فَقَطَعَهُ) الْمِلْحَ (لَهُ) أَيْ لِأَبْيَضَ (وَلَّى) أَيْ أَدْبَرَ (قَالَ رَجُلٌ) وَهُوَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ وَقِيلَ إِنَّهُ الْعَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ (الْمَاءَ الْعِدَّ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ الْمُهْمَلَتَيْنِ أَيِ الدَّائِمَ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ
قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْمَاءُ الَّذِي لَهُ مَادَّةٌ لَا تَنْقَطِعُ كَمَاءِ الْعَيْنِ
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْمِلْحَ الَّذِي قُطِعَتْ لَهُ هُوَ كَالْمَاءِ الْعِدِّ فِي حُصُولِهِ مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ وَكَدٍّ (فانتزع) أي رسول الله ذَلِكَ الْمِلْحَ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ أَبْيَضَ
قَالَ القارىء وَمِنْ ذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ إِقْطَاعَ الْمَعَادِنِ إِنَّمَا يَجُوزُ إِذَا كَانَتْ بَاطِنَةً لَا يُنَالُ مِنْهَا شَيْءٌ إِلَّا بِتَعَبٍ وَمُؤْنَةٍ كَالْمِلْحِ وَالنِّفْطِ وَالْفَيْرُوزَجِ وَالْكِبْرِيتِ وَنَحْوِهَا وَمَا كَانَتْ ظَاهِرَةً يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ كَدٍّ وَصَنْعَةٍ لَا يَجُوزُ إِقْطَاعُهَا بَلِ النَّاسُ فِيهَا شُرَكَاءُ كَالْكَلَأِ وَمِيَاهِ الْأَوْدِيَةِ وَأَنَّ الْحَاكِمَ إِذَا حَكَمَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْحَقَّ فِي خِلَافِهِ يُنْقَضُ حُكْمُهُ وَيُرْجَعُ عَنْهُ انْتَهَى
وَقَالَ السُّيُوطِيُّ فِي مِرْقَاةِ الصُّعُودِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ إِنَّمَا أَقْطَعَهُ عَلَى ظَاهِرِ مَا سَمِعَهُ مِنْهُ كَمَنِ اسْتُفْتِيَ فِي مَسْأَلَةٍ فَصُوِّرَتْ لَهُ عَلَى خِلَافِ مَا هِيَ عَلَيْهِ فَأَفْتَى فَبَانَ لَهُ أَنَّهَا بِخِلَافِهِ فَأَفْتَى بِمَا ظَهَرَ لَهُ ثَانِيًا فَلَا يَكُونُ مُخْطِئًا وَذَلِكَ الْحُكْمُ تَرَتَّبَ عَلَى حُجَّةِ الْخَصْمِ فَتَبَيَّنَ خِلَافُهَا وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنَ الْخَطَأِ فِي شَيْءٍ
قَالَ السُّبْكِيُّ يَحْتَمِلُ أَنَّ إِنْشَاءَ تَحْرِيمِ إِقْطَاعِ الْمَعَادِنِ الظَّاهِرَةِ إِنَّمَا كَانَ لَمَّا رَدَّهُ النبي وَيَكُونُ إِقْطَاعُهُ قَبْلَ ذَلِكَ إِمَّا جَائِزًا وَإِمَّا عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ أَوْ يَكُونُ الْإِقْطَاعُ كَانَ مَشْرُوطًا بِصِفَةٍ وَيُرْشِدُ إِلَيْهِ قَوْلُهُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فَلَا آذَنُ فَإِنَّهُ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الصِّفَةِ الْمَشْرُوطَةِ فِي الْإِقْطَاعِ
وَقِيلَ إِنَّ النبي اسْتَقَالَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ اسْتِقَالَتَهُ تَطْيِيبٌ لِقَلْبِهِ تَكَرُّمًا منه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute