بِفَتْحِهَا وَجَوَّزَ بَعْضُهُمُ الْأَمْرَيْنِ
وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ وَغَيْرُهُ هُوَ بِالْفَتْحِ وَالْمُحَدِّثُونَ يُسَكِّنُونَهُ وَكَلَامُ الْعَرَبِ بِالْفَتْحِ انْتَهَى وَيَجِيءُ تَفْسِيرُ الْفَرَقِ مَشْرُوحًا مِنَ الْجَنَابَةِ أي بسبب الجنابة (وروى بن عُيَيْنَةَ نَحْوَ حَدِيثِ مَالِكٍ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ وَسُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ كِلَاهُمَا قَالَا عَنِ الزُّهْرِيِّ بِتَوْقِيتٍ وَتَحْدِيدٍ وَهُوَ الْغُسْلُ مِنَ الْفَرَقِ وَقَالَ مَعْمَرٌ بِلَا تَوْقِيتٍ وَهُوَ قَدْرُ الْفَرَقِ
وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ الْغُسْلُ بِالصَّاعِ أَوِ الْفَرَقِ لِلتَّحْدِيدِ وَالتَّقْدِيرِ بَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُبَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الصَّاعِ وَرُبَّمَا زَادَ عَلَيْهِ وَالْقَدْرُ الْمُجْزِي مِنَ الْغُسْلِ مَا يَحْصُلُ بِهِ تَعْمِيمُ الْبَدَنِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَبَرِ سَوَاءٌ كَانَ صَاعًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ مَا لَمْ يَبْلُغْ فِي النُّقْصَانِ إِلَى مِقْدَارٍ لَا يُسَمَّى مُسْتَعْمِلُهُ مُغْتَسِلًا أَوْ إِلَى مِقْدَارٍ فِي الزِّيَادَةِ يَدْخُلُ فَاعِلُهُ فِي حَدِّ الْإِسْرَافِ (يَقُولُ الْفَرَقُ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا) الرِّطْلُ مِعْيَارٌ يُوزَنُ بِهِ وَكَسْرُهُ أَفْصَحُ مِنْ فتحه وهو بالبغدادي اثنتا عشر أوقية والأوقية أستار وثلثا أستار والأستار أربعة مثاقيل ونصف مثقال والمثقال درهم وثلاثة أسباع درهم والدرهم ستة دوانيق والدانق ثماني حبات وَخُمُسَا حَبَّةٍ وَعَلَى هَذَا فَالرِّطْلُ تِسْعُونَ مِثْقَالًا وَهِيَ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْفَرَقُ مِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ سِتَّةُ عَشَرَ رِطْلًا وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فِي آخِرِ رِوَايَةِ بن عيينة عن الزهري قال سفيان يعني بن عُيَيْنَةَ الْفَرَقُ ثَلَاثَةُ آصُعٍ
قَالَ النَّوَوِيُّ وَكَذَا قَالَ الْجَمَاهِيرُ وَقِيلَ الْفَرَقُ صَاعَانِ لَكِنْ أَبُو عُبَيْدٍ نَقَلَ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ الْفَرَقَ ثَلَاثَةُ آصُعٍ وَعَلَى أَنَّ الْفَرَقَ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا وَيُؤَيِّدُ كَوْنَ الْفَرَقِ ثَلَاثَةَ آصُعٍ مَا رَوَاهُ بن حبان عن عائشة بلفظ قدر سنة أَقْسَاطٍ وَالْقِسْطُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَهُوَ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ اللُّغَةِ نِصْفُ صَاعٍ وَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ أَنَّ الْفَرَقَ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا فَصَحَّ أَنَّ الصَّاعَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ قَالَهُ الْحَافِظُ (وَسَمِعْتُهُ) أَيْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ (يقول صاع بن أَبِي ذِئْبٍ) وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ أَحَدُ الْأَئِمَّةِ الثِّقَاتِ (خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ) وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِ الْحِجَازِ كَافَّةً وَاسْتُدِلَّ لَهُمْ بِدَلَائِلَ مِنْهَا حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ فِي الْفِدْيَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَأَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute