(من أحيى أَرْضًا مَيِّتَةً) الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ هِيَ الَّتِي لَمْ تُعَمَّرْ شُبِّهَتْ عِمَارَتُهَا بِالْحَيَاةِ وَتَعْطِيلُهَا بِالْمَوْتِ
قَالَ الزُّرْقَانِيُّ مَيِّتَةٌ بِالتَّشْدِيدِ
قَالَ الْعِرَاقِيُّ
وَلَا يُقَالُ بِالتَّخْفِيفِ لِأَنَّهُ إِذَا خُفِّفَ تُحْذَفُ مِنْهُ تَاءُ التَّأْنِيثِ
وَالْمَيِّتَةُ وَالْمَوَاتُ وَالْمَوَتَانُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْوَاوِ الَّتِي لَمْ تُعَمَّرْ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ تَشْبِيهًا لَهَا بِالْمَيِّتَةِ الَّتِي لَا يُنْتَفَعُ بِهَا لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهَا بِزَرْعٍ أَوْ غَرْسٍ أَوْ بِنَاءٍ أَوْ نَحْوِهَا انْتَهَى
قَالَ الْخَطَّابِيُّ إِحْيَاءُ الْمَوَاتِ إِنَّمَا يَكُونُ مَحْفَرُهُ وَتَحْجِيرُهُ وَإِجْرَاءُ الْمَاءِ إِلَيْهِ وَنَحْوُهَا مِنْ وُجُوهِ الْعِمَارَةِ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ مَلَكَ بِهِ الْأَرْضَ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ كَلِمَةَ شَرْطٍ وَجَزَاءٍ فَهُوَ غَيْرُ مَقْصُورٍ عَلَى عَيْنٍ دُونَ عَيْنٍ وَلَا عَلَى زَمَانٍ دُونَ زَمَانٍ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَمْلِكُهَا بِالْإِحْيَاءِ حَتَّى يَأْذَنَ لَهُ السُّلْطَانُ فِي ذَلِكَ وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ فَقَالَا بِقَوْلِ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ انْتَهَى (لَيْسَ لِعِرْقِ ظَالِمٍ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ هُوَ أَنْ يَغْرِسَ الرَّجُلُ فِي غَيْرِ أَرْضِهِ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهَا أَوْ يَبْنِيَ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِقَلْعِهِ إِلَّا أَنْ يَرْضَى صَاحِبُ الْأَرْضِ بِتَرْكِهِ انْتَهَى
وَفِي النِّهَايَةِ هُوَ أَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ إِلَى أَرْضٍ قَدْ أَحْيَاهَا رَجُلٌ قَبْلَهُ فَيَغْرِسَ فِيهَا غَرْسًا غَصْبًا لِيَسْتَوْجِبَ بِهِ الْأَرْضَ
وَالرِّوَايَةُ لِعِرْقٍ بِالتَّنْوِينِ وَهُوَ عَلَى حَذَفِ الْمُضَافِ أَيْ لِذِي عِرْقٍ ظَالِمٍ فَجَعَلَ الْعِرْقَ نَفْسَهُ ظَالِمًا وَالْحَقُّ لِصَاحِبِهِ أَوْ يَكُونُ الظَّالِمُ مِنْ صِفَةِ صَاحِبِ الْعِرْقِ وَإِنْ رُوِي عِرْقِ بِالْإِضَافَةِ فَيَكُونُ الظَّالِمُ صَاحِبَ الْعِرْقِ وَالْحَقُّ لِلْعِرْقِ انْتَهَى
وَفِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ فَالظَّالِمُ صَاحِبُ الْعِرْقِ وَهُوَ الْغَارِسُ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ انْتَهَى
وَالْعِرْقُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ
وَقَالَ فِي الْمَجْمَعِ وَالْعِرْقُ أَحَدُ عُرُوقِ الشَّجَرَةِ وَرَوَى بِتَنْوِينِهِ بِمَعْنَى لِذِي عِرْقٍ ظَالِمٍ وَظَالِمٌ صِفَةُ عِرْقٍ مَجَازًا أَوْ صِفَةُ ذِي حَقِيقَةٍ وَإِنْ رَوَى عِرْقِ بِالْإِضَافَةِ يَكُونُ الظَّالِمُ صَاحِبَ الْعِرْقِ وَالْحَقُّ لِلْعِرْقِ أَيْ مَجَازًا انْتَهَى (حَقٌّ) أَيْ فِي الْإِبْقَاءِ فِيهَا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَذَكَرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ رَوَاهُ مُرْسَلًا وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا مُرْسَلًا وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ من أحيى أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَلَفْظُهُ مَنْ أحيى أَرْضًا مَيْتَةً فَلَهُ فِيهَا أَجْرٌ وَمَا أَكَلَتِ الْعَوَافِي مِنْهَا فَهُوَ صَدَقَةٌ