للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٣٠٧٧] (مَنْ أَحَاطَ حَائِطًا) أَيْ جَعَلَ وَأَدَارَ حَائِطًا أَيْ جِدَارًا (عَلَى أَرْضٍ) أَيْ حَوْلَ أَرْضٍ مَوَاتٍ (فَهِيَ) أَيْ فَصَارَتْ تِلْكَ الْأَرْضُ الْمَحُوطَةُ (لَهُ) أَيْ مِلْكًا لَهُ أَيْ مَا دَامَ فِيهِ كَمَنْ سَبَقَ إِلَى مُبَاحٍ

قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ يَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ يَرَى التَّمْلِيكَ بِالتَّحْجِيرِ وَلَا يَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ إِنَّمَا هُوَ بِالْإِحْيَاءِ وَتَحْجِيرُ الْأَرْضِ وَإِحَاطَتُهُ بِالْحَائِطِ لَيْسَ مِنَ الْإِحْيَاءِ فِي شَيْءٍ ثُمَّ إِنَّ فِي قَوْلِهِ عَلَى أَرْضٍ مُفْتَقِرٌ إِلَى الْبَيَانِ إِذْ لَيْسَ كُلُّ أَرْضٍ تُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ

قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ كَفَى بِهِ بَيَانًا قَوْلُهُ أَحَاطَ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ بَنَى حَائِطًا مَانِعًا مُحِيطًا بِمَا يَتَوَسَّطُهُ مِنَ الْأَشْيَاءِ نَحْوَ أَنْ يَبْنِيَ حَائِطًا لِحَظِيرَةِ غَنَمٍ أَوْ زَرِيبَةً لِلدَّوَابِّ

قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ إِذَا أَرَادَ زَرِيبَةً لِلدَّوَابِّ أَوْ حَظِيرَةً يُجَفِّفُ فِيهَا الثِّمَارَ أَوْ يَجْمَعُ فِيهَا الْحَطَبَ وَالْحَشِيشَ اشْتَرَطَ التَّحْوِيطَ وَلَا يَكْفِي نَصْبُ سَعَفٍ وَأَحْجَارٍ مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ

كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَئِمَّةِ فِي سَمَاعِ الْحَسَنِ مِنْ سَمُرَةَ

[٣٠٧٨] (قال هشام) وهو بن عُرْوَةَ (الْعِرْقُ الظَّالِمُ أَنْ يَغْرِسَ إِلَخْ) أَيْ مَعْنَى قَوْلِهِ الْعِرْقُ الظَّالِمُ هُوَ أَنْ يَغْرِسَ إِلَخْ (مَا أُخِذَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ (وَاحْتُفِرَ) الِاحْتِفَارُ زمين كندن (وَغُرِسَ) فِي الْقَامُوسِ غَرَسَ الشَّجَرَ يَغْرِسُهُ أَثْبَتَهُ فِي الْأَرْضِ كَأَغْرَسَهُ

قَالَ الزُّرْقَانِيُّ تَحْتَ قَوْلِ مَالِكٍ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الرِّوَايَةَ بِالتَّنْوِينِ وَبِهِ جَزَمَ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ فَقَالَ وَاخْتَارَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ تَنْوِينَ عِرْقٍ وَذَكَرَ نَصَّهُ هَذَا وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ بنحوه وبالتنوين جزم الأزهري وبن فَارِسٍ وَغَيْرُهُمَا وَبَالَغَ الْخَطَّابِيُّ فَغَلِطَ مَنْ رَوَاهُ بِالْإِضَافَةِ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ فَقَدْ ثَبَتَتْ وَوَجْهُهَا ظَاهِرٌ فَلَا يَكُونُ غَلَطًا فَالْحَدِيثُ يُرْوَى بِالْوَجْهَيْنِ

وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَصْلُ الْعِرْقِ الظَّالِمِ فِي الْغَرْسِ يَغْرِسُهُ فِي الْأَرْضِ غَيْرُ رَبِّهَا لِيَسْتَوْجِبَهَا بِهِ وَكَذَلِكَ مَا أَشْبَهَهُ مِنْ بِنَاءٍ أَوِ اسْتِنْبَاطِ مَاءٍ أَوِ اسْتِخْرَاجِ مَعْدِنٍ سُمِّيَتْ عِرْقًا لِشَبَهِهَا فِي الْإِحْيَاءِ بِعِرْقِ الْغَرْسِ

وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ عُرْوَةُ وَرَبِيعَةُ الْعُرُوقُ أَرْبَعَةٌ عِرْقَانِ ظَاهِرَانِ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ وَعِرْقَانِ بَاطِنَانِ الْمِيَاهُ وَالْمَعَادِنُ فَلَيْسَ لِلظَّالِمِ فِي ذَلِكَ حَقٌّ فِي بَقَاءٍ أَوِ انْتِفَاعٍ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ ظُلْمًا فَلِرَبِّهِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِقَلْعِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>