وَالْمَعْنَى أَيْ قَرُبَ مِنْ أَنْ يُوَلِّيَ ظَهْرَهُ إِلَى الْإِسْلَامِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْكَافِرَ ذَلِيلٌ بِأَدَاءِ الْخَرَاجِ وَإِذَا أَخَذَ الْمُسْلِمُ تِلْكَ الْأَرْضَ مِنْهُ رَجَعَ الذُّلُّ إِلَيْهِ فَيَكُونُ كَمَا لَوْ نَزَعَ الذُّلُّ مِنْ عُنُقِهِ ثُمَّ جَعَلَهُ فِي عُنُقِ نَفْسِهِ وَالْإِسْلَامُ عَزِيزٌ وَالْكُفْرُ ذَلِيلٌ وَإِذَا اخْتَارَ الْمُسْلِمُ الذُّلَّ فَقَدْ وَلَّى ظَهْرَهُ الْإِسْلَامِ
قَالَ الشَّيْخُ الْعَلَّامَةُ الْأَرْدَبِيلِيُّ فِي الْأَزْهَارِ شَرْحِ الْمَصَابِيحِ الْحَدِيثُ فِيهِ نَهْيٌ عَنْ شِرَى أَرْضِ الْخَرَاجِ مِنَ الذِّمِّيِّ وَغَيْرِهِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَذَلَّةِ وَالْمُؤْمِنُ لَا يُذِلُّ نَفْسَهُ وَكَذَا الِاسْتِيجَارُ
وَقَالَ الْعُلَمَاءُ وَالْأَرْضُ الْخَرَاجِيَّةُ أَنْوَاعٌ أَحَدُهَا أَنْ يَفْتَحَ الْإِمَامُ بَلْدَةً قَهْرًا وَيَقْسِمُهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ ثُمَّ يُعَوِّضُهُمْ ثَمَنَهَا وَيَقِفُهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَيَضْرِبُ عَلَيْهَا خَرَاجًا كَمَا فَعَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِسَوَادِ الْعِرَاقِ
وَالثَّانِي أَنْ يَفْتَحَ الْإِمَامُ بَلْدَةً صُلْحًا عَلَى أَنْ تَكُونَ الْأَرَاضِي لَنَا وَيَسْكُنُهَا الْكُفَّارُ بِالْخَرَاجِ فَالْأَرْضُ فَيْءٌ وَالْخَرَاجُ أُجْرَةٌ لَا يَسْقُطُ بِإِسْلَامِهِمْ
وَالثَّالِثُ أَنْ يَفْتَحَهَا صُلْحًا عَلَى أَنْ تَكُونَ الْأَرَاضِي لَهُمْ وَيَسْكُنُونَهَا بِالْخَرَاجِ فَهَذَا الْخَرَاجُ جِزْيَةٌ فَيَسْقُطُ بِإِسْلَامِهِمْ وَالْحَدِيثُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ مَشْرُوحٌ بِهَذَا النَّوْعِ وَلَمْ يَخْتَصَّ بِهِ انْتَهَى
وَفِي الْهِدَايَةِ وَقَدْ صَحَّ أَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمُ اشْتَرَوْا أَرَاضِيَ الْخَرَاجِ وَكَانُوا يُؤَدُّونَ خَرَاجَهَا انْتَهَى
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ وَكَانَ لِابْنِ مَسْعُودٍ وَلِخَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ وَلِحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَلِشُرَيْحٍ أَرْضُ الْخَرَاجِ
ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ فَرَقْدَ السُّلَمِيِّ أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِنِّي اشْتَرَيْتُ أَرْضًا مِنْ أَرْضِ السَّوَادِ فَقَالَ عُمَرُ أَنْتَ فِيهَا مِثْلُ صَاحِبِهَا
ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ أَسْلَمَتِ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ بَهْزٍ الْمَلِكِ فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِنِ اخْتَارَتْ أَرْضَهَا وَأَدَّتْ مَا عَلَى أَرْضِهَا فَخَلُّوا بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَرْضِهَا وَإِلَّا فَخَلُّوا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ أَرْضِهِمْ
وَلَفْظُ عَبْدِ الرزاق وبن أَبِي شَيْبَةَ أَنَّ دِهْقَانَةً مِنْ أَهْلِ بَهْزِ الْمَلِكِ أَسْلَمَتْ فَقَالَ عُمَرُ ادْفَعُوا إِلَيْهَا أَرْضَهَا يُؤَدِّي عَنْهَا الْخَرَاجَ وَأَخْرَجَا أَيْضًا عَنْ زُبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ أَنَّ دِهْقَانًا أَسْلَمَ عَلَى عَهْدِ عَلِيٍّ فَقَالَ عَلِيٌّ إِنْ أَقَمْتَ فِي أَرْضِكَ رَفَعْنَا الْجِزْيَةَ عَنْ رَأْسِكَ وَأَخَذْنَاهَا مِنْ أَرْضِكَ وَإِنْ تَحَوَّلْتَ عَنْهَا فَنَحْنُ أَحَقُّ بِهَا
وَأَخْرَجَ بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ أَنَّهُمَا قَالَا إِذَا أَسْلَمَ وَلَهُ