قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا سَبِيلُهُ سَبِيلُ الرِّكَازِ لِأَنَّهُ مَالٌ مِنْ دَفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يُعْلَمُ مَالِكُهُ وَكَانَ أَبُو رِغَالٍ مِنْ بَقِيَّةِ قَوْمٍ أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ نَسْلٌ ولا عقب فصارحكم ذَلِكَ الْمَالِ حُكْمُ الرِّكَازِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ نَبْشِ قُبُورِ الْمُشْرِكِينَ إِذَا كَانَ فِيهِمْ إِرْبٌ أَوْ نَفْعٌ لِمُسْلِمٍ وَأَنْ لَيْسَتْ حُرْمَتُهُمْ كَحُرْمَةِ الْمُسْلِمِينَ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ انْتَهَى كَلَامُ الْخَطَّابِيِّ
وَفِي تَاجِ الْعَرُوسِ شَرْحِ الْقَامُوسِ قَالَ بن الْمُكَرَّمِ وَرَأَيْتُ فِي هَامِشِ الصِّحَاحِ أَبُو رِغَالٍ اسْمُهُ زَيْدُ بْنُ مُخَلِّفٍ عَبْدٌ كَانَ لِصَالِحٍ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ مُصَدِّقًا وَأَنَّهُ أَتَى قَوْمًا لَيْسَ لَهُمْ لَبَنٌ إِلَّا شَاةٌ وَاحِدَةٌ وَلَهُمْ صَبِيٌّ قَدْ مَاتَتْ أُمُّهُ فَهُمْ يُعَاجُونَهُ بِلَبَنِ تِلْكَ الشَّاةِ يَعْنِي يُغَذُّونَهُ فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَ غَيْرَهَا فَقَالُوا دَعْهَا نُحَايِي بِهَا هَذَا الصَّبِيَّ فَأَبَى فَيُقَالُ إِنَّهُ نَزَلَتْ قَارِعَةٌ مِنَ السَّمَاءِ وَيُقَالُ بَلْ قَتَلَهُ رَبُّ الشاة فلما فقده صالح صلى الله عليه وسلم قام فِي الْمَوْسِمِ يَنْشُدُ النَّاسَ فَأُخْبِرَ بِصَنِيعِهِ فَلَعَنَهُ فَقَبْرُهُ بَيْنَ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ يَرْجُمُهُ النَّاسُ انْتَهَى
وَفِي إِنْسَانِ الْعُيُونِ فِي سِيرَةِ الْأَمِينِ الْمَأْمُونِ وَمَرَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَبْرٍ فَقَالَ أبي رِغَالٍ وَهُوَ أَبُو ثَقِيفٍ أَيْ وَكَانَ مِنْ ثَمُودَ قَوْمُ صَالِحٍ وَقَدْ أَصَابَتْهُ النِّقْمَةُ الَّتِي أَصَابَتْ قَوْمَهُ بِهَذَا الْمَكَانِ ثُمَّ دُفِنَ فِيهِ بَعْدَ أَنْ كَانَ بِالْحَرَمِ وَلَمْ تُصِبْهُ تِلْكَ النِّقْمَةُ فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ الْحَرَمِ إِلَى الْمَكَانِ الْمَذْكُورِ أَصَابَتْهُ النِّقْمَةُ
وَفِي الْعَرَائِسِ عَنْ مُجَاهِدٍ قِيلَ لَهُ هَلْ بَقِيَ مِنْ قَوْمِ لُوطٍ أَحَدٌ قَالَ لَا إِلَّا رَجُلٌ بَقِيَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَكَانَ بِالْحَرَمِ فَجَاءَهُ حَجَرٌ لِيُصِيبَهُ فِي الْحَرَمِ فَقَامَ إِلَيْهِ مَلَائِكَةُ الْحَرَمِ فَقَالُوا لِلْحَجَرِ ارْجِعْ مِنْ حَيْثُ جِئْتَ فَإِنَّ الرَّجُلَ فِي حَرَمِ اللَّهِ تَعَالَى فَرَجَعَ فَوَقَفَ خَارِجًا مِنَ الْحَرَمِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ حَتَّى قَضَى الرَّجُلُ حَاجَتَهُ وَخَرَجَ مِنَ الْحَرَمِ إِلَى هَذَا الْمَحَلِّ أَصَابَهُ الْحَجَرُ فَقَتَلَهُ فَدُفِنَ فِيهِ انْتَهَى
وَفِي لِسَانِ الْعَرَبِ أَبُو رِغَالٍ كُنْيَةٌ وَقِيلَ كَانَ رَجُلًا عَشَّارًا فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ جَائِرًا فَقَبْرُهُ يُرْجَمُ إِلَى الْيَوْمِ وَقَبْرُهُ بَيْنَ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ وَكَانَ عَبْدًا لِشُعَيْبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ
قَالَ جَرِيرٌ إِذَا مَاتَ الْفَرَزْدَقُ فَارْجُمُوهُ كَمَا تَرْمُونَ قَبْرَ أَبِي رِغَالِ انْتَهَى
وَفِي جَامِعِ الْأُصُولِ يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ فِي الظُّلْمِ وَالشُّؤْمِ وَهُوَ الَّذِي يَرْجُمُ الْحَاجُّ قَبْرُهُ إِلَى الْآنِ انْتَهَى
وَفِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ أَنَّ رَجُلًا مِنْ ثَقِيفٍ طَلَّقَ نِسَاءَهُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ لَتُرَاجِعَنَّ نساءك أو لأرجمنك قَبْرَكَ كَمَا رُجِمَ قَبْرُ أَبِي رِغَالٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
هَذَا آخِرُ كِتَابِ الخراج والإمارة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute