رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (عَرَفَهَا) أَيِ الْمَرْأَةَ الْمُقْبِلَةَ (فَلَمَّا ذَهَبَتْ) أَيِ الْمَرْأَةُ الْمُقْبِلَةُ (إِذَا هِيَ) أَيِ الْمَرْأَةُ
وَلَفْظُ النَّسَائِيِّ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ بَصُرَ بِامْرَأَةٍ لَا تَظُنُّ أَنَّهُ عَرَفَهَا فَلَمَّا تَوَسَّطَ الطَّرِيقَ وَقَفَ حَتَّى انْتَهَتْ إِلَيْهِ فَإِذَا فَاطِمَةُ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَقَالَ لَهَا) أَيْ لِفَاطِمَةَ (فَرَحَّمْتُ إِلَيْهِمْ) مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ
وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ فَتَرَحَّمْتُ إِلَيْهِمْ أَيْ تَرَحَّمْتُ مَيِّتَهُمْ وَقُلْتُ فِيهِ رَحِمُ اللَّهُ مَيِّتَكُمْ مُفْضِيًا ذَلِكَ إِلَيْهِمْ لِيَفْرَحُوا بِهِ
قَالَهُ السِّنْدِيُّ (أَوْ عَزَّيْتَهُمْ بِهِ) هَكَذَا فِي جَمِيعِ النُّسَخِ وَهَذَا الشَّكُّ مِنْ أَحَدِ الرُّوَاةِ
وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ بِحَرْفِ الْعَاطِفَةِ وَعَزَّيْتَهُمْ بِمَيِّتِهِمْ انْتَهَى
وَعَزَّيْتُهُمْ مِنَ التَّعْزِيَةِ أَيْ أَمَرْتُهُمْ بِالصَّبْرِ عَلَيْهِ
بِنَحْوِ أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَكُمْ
قَالَ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ الْعَزَاءُ الصَّبْرُ عَنْ كُلِّ مَا فَقَدْتَ انْتَهَى
قَالَ فِي النَّيْلِ وَالتَّعْزِيَةُ التَّصَبُّرُ وَعَزَّاهُ صَبَّرَهُ فَكُلُّ مَا يَجْلِبُ لِلْمُصَابِ صَبْرًا يُقَالُ لَهُ تَعْزِيَةً بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ وَيَحْصُلُ بِهِ لِلْمُعَزِّي الْأَجْرُ وَأَحْسَنُ مَا يُعَزَّى بِهِ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلِلَّهِ مَا أَعْطَى وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مسمى فمزها فَلَتَصْبِرْ الْحَدِيثَ (فَقَالَ لَهَا) أَيْ لَفَاطِمَةَ (بَلَغْتُ مَعَهُمُ الْكُدَى) هُوَ بِضَمِّ الْكَافِ وَتَخْفِيفِ الدَّالِ المقصورة وهي المقابر
قاله الحافظ
قال بن الْأَثِيرِ أَرَادَ الْمَقَابِرَ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا كَانَتْ مَقَابِرُهُمْ فِي مَوَاضِعَ صُلْبَةٍ وَهِيَ جَمْعُ كُدْيَةٍ وَالْكُدْيَةُ قِطْعَةٌ غَلِيظَةٌ صُلْبَةٌ لَا يَعْمَلُ فِيهَا الْفَأْسُ
وَيُرْوَى بِالرَّاءِ يَعْنِي الْكُرَى وَهِيَ الْقُبُورُ أَيْضًا جَمْعُ كُرْيَةٍ أَوْ كُرْوَةٍ مِنْ كَرَيْتَ الْأَرْضَ وَكَرَوْتَهَا إِذَا حَفَرْتَهَا كَالْحُفْرَةِ مِنْ حَفَرْتَ (قَالَتْ فاطمة (معاذ الله وقد) الواو وللحال زَادَ النَّسَائِيُّ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ أَكُونَ بَلَغْتُهَا (فِيهَا) أَيْ فِي الْكُدَى
(فَذَكَرَ تَشْدِيدًا فِي ذَلِكَ) هَذَا مِنْ أَدَبِ أَبِي دَاوُدَ حَيْثُ لَمْ يُصَرِّحْ بِاللَّفْظِ الْوَارِدِ فِي رِوَايَةٍ وَكَنَّى عَنْهُ فَرَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَعَمَّنِ اقْتَدَى بِهِ وَالتَّصْرِيحُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ وَتَكَلَّمْنَا عَلَى تَأْوِيلِهِ فِي زَهْرِ الرُّبَى وَفِي الْمَسَالِكِ الْحُنَفَاءِ
قَالَهُ السُّيُوطِيُّ فِي مِرْقَاةِ الصُّعُودِ
وَالْحَدِيثُ