عَلَى مَنْ غَسَّلَ الْمَيِّتَ وَلَا الْوُضُوءَ مِنْ حَمْلِهِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ غَاسِلَ الْمَيِّتِ لَا يَكَادُ يَأْمَنُ أَنْ يُصِيبَهُ نَضْحٌ مِنْ رَشَاشِ الْغُسْلِ وَرُبَّمَا كَانَ عَلَى بَدَنِ الْمَيِّتِ نَجَاسَةٌ فَإِذَا أَصَابَهُ نَضْحٌ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ مَكَانَهُ كَانَ عَلَيْهِ غَسْلُ جَمِيعِ بَدَنِهِ لِيَكُونَ الْمَاءُ قَدْ أَتَى عَلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي أَصَابَهُ النَّجَسُ مِنْ بَدَنِهِ (وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ) قَدْ قِيلَ فِي مَعْنَاهُ أَيْ لِيَكُونَ عَلَى وُضُوءٍ لِيَتَهَيَّأَ لَهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي إِسْنَادِ الْحَدِيثِ مَقَالٌ قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الترمذي وبن مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم من غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ مِنْ غُسْلِهِ الْغُسْلُ وَمِنْ حَمْلِهِ الْوُضُوءُ يَعْنِي الْمَيِّتَ
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفًا هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَفِي إِسْنَادِهِ مَنْ لَا يُحْتَجُّ بِهِ
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيُّ لَا يَصِحُّ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى لَا أَعْلَمُ مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ حَدِيثًا ثَابِتًا وَلَوْ ثَبَتَ لَزِمَنَا اسْتِعْمَالُهُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ إِنْ صَحَّ الْحَدِيثُ قُلْتُ بِوُجُوبِهِ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
الْحَادِي عَشَر صَالِح مَوْلَى التَّوْأَمَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة مَرْفُوعًا ذَكَرَهَا الْبَيْهَقِيُّ
وَقَالَ إِنَّمَا يَصِحّ هَذَا الْحَدِيث عَنْ أَبِي هُرَيْرَة مَوْقُوفًا
وَهَذِهِ الطرق تدل عَلَى أَنَّ الْحَدِيث مَحْفُوظ
وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب أَنَّهُ اِغْتَسَلَ مِنْ تَجْهِيزه أَبَاهُ وَمُوَارَاته
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وروينا ترك إيجاب الغسل منه عن بن عباس في أصح الروايتين عنه وعن بن عُمَر وَعَائِشَة وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا عَنْ سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص وَعَبْد اللَّه بْن مَسْعُود وَأَنَس بْن مَالِك
هَذَا آخِر كَلَامه
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَة فِيهَا ثَلَاثَة مَذَاهِب
أَحَدهَا أَنَّ الْغُسْل لَا يَجِب عَلَى غَاسِل الْمَيِّت وَهَذَا قَوْل الْأَكْثَرِينَ
الثَّانِي أَنَّهُ يَجِب
وَهَذَا اِخْتِيَار الْجُوزَجَانِيِّ وَيُرْوَى عن بن المسيب وبن سِيرِينَ وَالزُّهْرِيّ وَهُوَ قَوْل أَبِي هُرَيْرَة وَيُرْوَى عَنْ عَلِيّ
الثَّالِث وُجُوبه مِنْ غُسْل الْمَيِّت الْكَافِر دُون الْمُسْلِم
وَهُوَ رِوَايَة عَنْ الْإِمَام أَحْمَد لِحَدِيثِ عَلِيّ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِالْغُسْلِ وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ غَسَّلَ أَبَا طَالِب مَعَ أَنَّهُ مِنْ رِوَايَة نَاجِيَة بْن كَعْب عَنْهُ وَنَاجِيَة لَا يُعْرَف أَحَد رَوَى عَنْهُ غَيْر أَبِي إِسْحَاق قَالَهُ بن المديني وغيره