للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عُبَادَةَ حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ وَيَرُدُّهُ مَا فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ الطَّوِيلِيِّ الَّذِي صَحَّحَهُ أَبُو عَوَانَةَ وَغَيْرُهُ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةٍ فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ فَجَلَسْتُ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ انْتَهَى

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

أَحَدهَا أَنَّ شَرْط النَّسْخ الْمُعَارَضَة وَالتَّأَخُّر وَكِلَاهُمَا مُنْتَفٍ فِي الْقِيَام عَلَى الْقَبْر بَعْد الدَّفْن وَفِي اِسْتِمْرَار قِيَام الْمُشَيِّعِينَ حَتَّى تُوضَع وَإِنَّمَا يُمْكِن دَعْوَى النَّسْخ فِي قِيَام الْقَاعِد الَّذِي تَمُرّ بِهِ الْجِنَازَة عَلَى مَا فِيهِ

الثَّانِي أَنَّ أَحَادِيث الْقِيَام كَثِيرَة صَحِيحَة صَرِيحَة فِي مَعْنَاهَا

فَمِنْهَا حَدِيث عَامِر بْن رَبِيعَة وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَفِي بَعْض طُرُقه إِذَا رَأَى أَحَدكُمْ الْجَنَازَة فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَاشِيًا مَعَهَا فَلْيَقُمْ حَتَّى تُخَلِّفهُ أَوْ تُوضَع مِنْ قَبْل أَنْ تُخَلِّفهُ وَفِي لَفْظ إِذَا رَأَى أَحَدكُمْ الْجَنَازَة فَلْيَقُمْ حِين يَرَاهَا حَتَّى تُخَلِّفهُ

وَمِنْهَا حَدِيث أَبِي سَعِيد وَهُوَ مُتَّفَق عَلَيْهِ وَلَفْظهمَا إِذَا اِتَّبَعْتُمْ جَنَازَة فَلَا تَجْلِسُوا حَتَّى تُوضَع وَفِي لَفْظ لَهُمَا إِذَا رَأَيْتُمْ الْجَنَازَة فَقُومُوا فَمَنْ تَبِعَهَا فَلَا يَجْلِس حَتَّى تُوضَع وَهُوَ دَلِيل عَلَى الْقِيَام فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ

وَمِنْهَا حَدِيث جَابِر فِي قِيَامه لِجَنَازَة يَهُودِيّ وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَتَعْلِيله بِأَنَّ ذَلِكَ كَرَاهِيَة أَنْ تَطُولهُ تَعْلِيل بَاطِل فَإِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّلَ بِخِلَافِهِ

وَعَنْهُ فِي ذَلِكَ ثَلَاث عِلَل

إِحْدَاهَا قَوْله إِنَّ الْمَوْت فَزَع ذَكَرَهُ مُسْلِم فِي حَدِيث جَابِر وَقَالَ إِنَّ الْمَوْت فَزَع فَإِذَا رَأَيْتُمْ الْجَنَازَة فَقُومُوا

الثَّانِيَة أَنَّهُ قَامَ لِلْمَلَائِكَةِ كَمَا رَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ أَنَس أَنَّ جَنَازَة مَرَّتْ بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ فَقِيلَ إِنَّهَا جَنَازَة يَهُودِيّ فَقَالَ إِنَّمَا قُمْنَا لِلْمَلَائِكَةِ

الثَّالِثَة التَّعْلِيل بِكَوْنِهَا نَفْسًا وَهَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث قَيْس بْن سَعْد وَسَهْل بْن حُنَيْف قَالَا إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتْ بِهِ جَنَازَة فَقَامَ فَقِيلَ إِنَّهُ يَهُودِيّ فَقَالَ أَلَيْسَتْ نَفْسًا فَهَذِهِ هِيَ الْعِلَل الثَّابِتَة عَنْهُ

وَأَمَّا التَّعْلِيل بِأَنَّهُ كَرَاهِيَة أَنْ تَطُولهُ فَلَمْ يَأْتِ فِي شَيْء مِنْ طُرُق هَذَا الْحَدِيث الصَّحِيحَة

وَلَوْ قُدِّرَ ثُبُوتهَا فَهِيَ ظَنّ مِنْ الرَّاوِي وَتَعْلِيل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي ذَكَرَهُ بِلَفْظِهِ أَوْلَى

فَهَذِهِ الْأَحَادِيث مَعَ كَثْرَتهَا وَصِحَّتهَا كَيْف يُقَدَّم عَلَيْهَا حَدِيث عُبَادَةَ مَعَ ضَعْفه وَحَدِيث عَلِيّ وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>