للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَوْمَضْتَ إِلَيَّ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ إِنَّمَا الْإِيمَاضُ الرَّمْزُ بِالْعَيْنِ وَالْإِيمَاءُ بِهَا وَمِنْهُ وَمِيضُ الْبَرْقِ وَهُوَ لَمَعَانُهُ (لَيْسَ لِنَبِيٍّ أَنْ يُومِضَ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ تَعَالَى أَنْ يُضْمِرَ شَيْئًا وَيُظْهِرُ خِلَافَهُ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا بَعَثَهُ بِإِظْهَارِ الدِّينِ وَإِعْلَانِ الْحَقِّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ سِتْرُهُ وَكِتْمَانُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ خِدَاعٌ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُؤَمِّنَ رَجُلًا فِي الظَّاهِرِ وَيُخْفِرُهُ فِي الْبَاطِنِ

وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ بِالْخِيَارِ بَيْنِ قَتْلِ الرِّجَالِ الْبَالِغِينَ مِنَ الْأُسَارَى وَبَيْنَ حَقْنِ دِمَائِهِمْ مَا لَمْ يُسْلِمُوا فَإِذَا أَسْلَمُوا فَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِمْ

وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي مَوْقِفِ الْإِمَامِ مِنَ الْجِنَازَةِ فَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُومُ مِنَ الْمَرْأَةِ بِحِذَاءِ وَسَطِهَا وَمِنَ الرَّجُلِ بِحِذَاءِ صَدْرِهِ

وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ يَقُومُ مِنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بِحِذَاءِ الصَّدْرِ

فَأَمَّا التَّكْبِيرُ فَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسٌ وَأَرْبَعٌ وَكَانَ آخِرُ مَا يُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طالب يكبر على أهل بدرست تَكْبِيرَاتٍ وَعَلَى سَائِرِ الصَّحَابَةِ خَمْسًا وَعَلَى سَائِرِ النَّاسِ أَرْبَعًا وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ يَرَى التَّكْبِيرَ عَلَى الْجِنَازَةِ ثَلَاثًا انْتَهَى

(قَالَ أَبُو غَالِبٍ) وَهَذِهِ مَقُولَةُ عَبْدِ الْوَارِثِ (فَسَأَلْتُ) مَنْ أَدْرَكْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ (عَنْ صَنِيعِ أَنَسٍ فِي قِيَامِهِ عَلَى) جِنَازَةِ (الْمَرْأَةِ عِنْدَ عَجِيزَتِهَا) هَلْ لَهُ فَائِدَةٌ مَخْصُوصَةٌ أَيْضًا أَمْ لِمُجَرَّدِ اتِّبَاعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَحَدَّثُونِي) وَالْمُحَدِّثُونَ لَهُ مَجْهُولُونَ (أَنَّهُ) أَيِ الْقِيَامَ عَلَى جَنَازَتِهَا بِهَذَا الْوَصْفِ (إِنَّمَا كَانَ) ذَلِكَ فِي سَالِفِ الزَّمَانِ (لِأَنَّهُ لَمْ تَكُنِ النُّعُوشُ) جَمْعُ نَعْشٍ أَيِ الْقِبَابُ الْمُتَّخَذَةُ لِلسَّتْرِ عَلَى جَنَائِزِ الْمَرْأَةِ فِي عَهْدِهِمُ الْمَاضِي فِي الْمَدِينَةِ وَإِنْ كَانَ مَعْمُولًا بِهِ عِنْدَهُمْ فِي الْحَبَشَةِ (فَكَانَ الْإِمَامُ يَقُومُ حِيَالَ عَجِيزَتِهَا) بِكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ قُبَالَتُهُ (يَسْتُرُهَا مِنَ الْقَوْمِ) بِقِيَامِهِ بِهَذَا الْوَصْفِ وَأَمَّا الْآنَ فَاتُّخِذَتِ الْقِبَابُ عَلَى سَرِيرِ جِنَازَةِ الْمَرْأَةِ فَلَا يُرَادُ بِهَذَا الصَّنِيعِ التَّسَتُّرُ لَهَا بَلْ يَكُونُ ذَلِكَ خَالِصًا لِاتِّبَاعِ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ زَالَ السَّبَبُ

وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فِي بَابِ أَيْنَ يَقُومُ مِنَ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ تَحْتَ حَدِيثِ سَمُرَةَ قَالَ صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا فَقَامَ عَلَيْهَا وَسَطَهَا

وَفِيهِ مشروعية الصلاة

<<  <  ج: ص:  >  >>