عَلَى الْحَاءِ وَهَذَانِ شَاذَّانِ وَالصَّوَابُ أَصْحَمَةُ بِالْأَلِفِ
قال بن قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُ وَمَعْنَاهُ بِالْعَرَبِيَّةِ عَطِيَّةٌ انْتَهَى (إِلَى الْمُصَلَّى) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُتَّخَذُ لِلصَّلَاةِ عَلَى الْمَوْتَى فِيهِ (وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ) قَدِ اسْتَدَلَّ الْمُؤَلِّفُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَى الْغَائِبِ إِلَّا إِذَا وَقَعَ مَوْتُهُ بِأَرْضٍ لَيْسَ بِهَا مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ كَمَا يَلُوحُ مِنْ تَرْجَمَةِ الْبَابِ
وَمِمَّنِ اخْتَارَ هَذَا الشَّيْخُ الْخَطَّابِيُّ وَشَيْخُ الإسلام بن تَيْمِيَّةَ وَالْعَلَّامَةُ الْمُقْبِلِيُّ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الْغَائِبِ عَنِ الْبَلَدِ وَبِذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وجمهور السلف حتى قال بن حَزْمٍ لَمْ يَأْتِ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مَنْعُهُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ دُعَاءٌ لَهُ وَهُوَ إِذَا كَانَ مُلَفَّفًا يُصَلَّى عَلَيْهِ فَكَيْفَ لَا يُدْعَى لَهُ وَهُوَ غَائِبٌ أَوْ فِي الْقَبْرِ بِذَلِكَ الْوَجْهِ الَّذِي يُدْعَى لَهُ بِهِ وَهُوَ مُلَفَّفٌ
وَعَنِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ لَا يُشْرَعُ ذَلِكَ
وَقَدِ اعْتَذَرَ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ عَنْ قِصَّةِ النَّجَاشِيِّ بِأُمُورٍ مِنْهَا أَنَّهُ كَانَ بِأَرْضٍ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ بِهَا أَحَدٌ فَتَعَيَّنَتِ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ لِذَلِكَ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْخَطَّابِيُّ لَا يُصَلَّى عَلَى الْغَائِبِ إِلَّا إِذَا وَقَعَ مَوْتُهُ بِأَرْضٍ لَيْسَ بِهَا مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ وَاسْتَحْسَنَهُ الرُّويَانِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَبِهِ تَرْجَمَ أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ الصَّلَاةُ عَلَى الْمُسْلِمِ يَلِيهِ أَهْلُ الشِّرْكِ بِبَلَدٍ آخَرَ وَهَذَا مُحْتَمَلٌ إِلَّا أَنَّنِي لَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ فِي بَلَدِهِ انْتَهَى وَتَعَقَّبَهُ الزَّرْقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ فَقَالَ وَهُوَ مُشْتَرَكُ الْإِلْزَامِ فَلَمْ يُرْوَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ أَنَّهُ صَلَّى عَلَيْهِ أَحَدٌ فِي بَلَدِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ وَمَحَلُّهُ فِي اتِّسَاعِ الْحِفْظِ مَعْلُومٌ انْتَهَى
قُلْتُ نَعَمْ مَا وَرَدَ فِيهِ شَيْءٌ نَفْيًا وَلَا إِثْبَاتًا لَكِنْ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ النَّجَاشِيَّ أَسْلَمَ وَشَاعَ إِسْلَامُهُ وَوَصَلَ إِلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَكَرَّةً بَعْدَ كَرَّةٍ فَيَبْعُدُ كُلَّ الْبُعْدِ أَنَّهُ مَا صَلَّى عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ بَلَدِهِ
وَأَمَّا مَا رَوَاهُ أبو داود الطيالسي وأحمد وبن مَاجَهْ وَغَيْرُهُمْ وَاللَّفْظُ لِابْنِ مَاجَهْ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ خَرَجَ بِهِمْ فَقَالَ صَلُّوا عَلَى أَخٍ لَكُمْ مَاتَ بِغَيْرِ أَرْضِكُمْ قَالُوا مَنْ هُوَ قَالَ النجاشي
ولفظ غيره أن النبي قَالَ إِنَّ أَخَاكُمْ مَاتَ بِغَيْرِ أَرْضِكُمْ فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَيْهِ فَلَيْسَ فِيهِ