للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رِوَايَتِهِ (إِنَّهَا) أَيْ أُمَّ سَلَمَةَ فَزُهَيْرٌ صَرَّحَ بِأَنَّ السَّائِلَةَ هِيَ أُمُّ سَلَمَةَ (أَشُدُّ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الشِّينِ أَيْ أُحْكِمُ (ضَفْرَ رَأْسِي) قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ بِفَتْحِ الضَّادِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ

هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْرُوفُ فِي رِوَايَةِ الْحَدِيثِ والمستفيض عند المحدثين والفقهاء

وقال الإمام بن أَبْزَى وَقَوْلُهُمْ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ أَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي يَقُولُونَهُ بِفَتْحِ الضَّادِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ وَصَوَابُهُ ضَمُّ الضَّادِ وَالْفَاءِ جَمْعُ ضَفِيرَةٍ كَسَفِينَةٍ وَسُفُنٍ وَهَذَا الَّذِي أَنْكَرَهُ لَيْسَ كَمَا زَعَمَهُ بَلِ الصَّوَابُ جَوَازُ الْأَمْرَيْنِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعْنًى صَحِيحٌ وَلَكِنْ يَتَرَجَّحُ فَتْحُ الضَّادِ وَالْمَعْنَى إِنِّي امْرَأَةٌ أُحْكِمُ فَتْلَ شَعْرِ رَأْسِي (أَنْ تحفني) من الحفن وهو ملأ الْكَفَّيْنِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ أَيْ تَأْخُذِي الْحَفْنَةَ مِنَ الْمَاءِ (عَلَيْهِ ثَلَاثًا) أَيْ عَلَى رَأْسِكِ كَمَا فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ وَهَذَا لَفْظُ بن السَّرْحِ (تَحْثِي عَلَيْهِ) تَحْثِي بِكَسْرِ مُثَلَّثَةٍ وَسُكُونِ يَاءٍ أَصْلُهُ تَحْثِوِينَ كَتَضْرِبِينَ أَوْ تَنْصُرِينَ فَحَذَفَ حَرْفَ الْعِلَّةِ بَعْدَ نَقْلِ حَرَكَتِهِ أَوْ حَذَفَهُ وَحَذَفَ النُّونَ لِلنَّصْبِ وَهُوَ بِالْوَاوِ وَالْيَاءِ يُقَالُ حَثَيْتُ وَحَثَوْتُ لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ وَالْحَثْيَةُ هِيَ الْحَفْنَةُ وَزْنًا وَمَعْنًى (ثُمَّ تُفِيضِي عَلَى سَائِرِ جَسَدِكِ فَإِذَا أَنْتِ قَدْ طَهُرْتِ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا انْغَمَسَ فِي الْمَاءِ أو جلل به بدنه من غير ذلك بِالْيَدِ وَإِمْرَارٍ بِهَا عَلَيْهِ فَقَدْ أَجْزَأَهُ وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ إِلَّا مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ فَإِنَّهُ قَالَ فِي

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

مَا أَزِيد عَلَى أَنْ أُفْرِغ عَلَى رَأْسِي ثَلَاث إِفْرَاغَات رَوَاهُ مُسْلِمٌ

وَأَمَّا نَقْضِهِ فِي غُسْل الْحَيْض فَالْمَنْصُوص عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهَا تَنْقُضهُ فِيهِ

قَالَ مُهَنَّا سَأَلْت أَحْمَدَ عَنْ الْمَرْأَة تَنْقُض شَعْرهَا مِنْ الْحَيْض قَالَ نَعَمْ

قُلْت لَهُ كَيْف تَنْقُضهُ مِنْ الْحَيْض وَلَا تَنْقُضهُ مِنْ الْجَنَابَة فَقَالَ حَدَّثَتْ أَسْمَاء عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ تَنْفُضهُ

فَاخْتَلَفَ أَصْحَابه فِي نَصّه هَذَا

فَحَمَلَتْهُ طَائِفَة مِنْهُمْ عَلَى الِاسْتِحْبَاب وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَجْرَتْهُ طَائِفَة عَلَى ظَاهِره وَهُوَ قَوْل الْحَسَن وَطَاوُسٍ

وَهُوَ الصَّحِيح لِمَا اِحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيث عَائِشَةَ أَنَّ أَسْمَاءَ سَأَلَتْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ غُسْل الْمَحِيضِ فَقَالَ تَأْخُذ إِحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وَسِدْرهَا فَتَطَهَّرَ فَتُحْسِن الطَّهُور ثُمَّ تَصُبّ عَلَى رَأْسهَا فَتَدْلُكهُ دَلْكًا شَدِيدًا حَتَّى تَبْلُغ شُؤُون رَأْسهَا الْحَدِيث رَوَاهُ مُسْلِمٌ

وَهَذَا دَلِيل عَلَى أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى فِيهِ بِمُجَرَّدِ إِفَاضَة الْمَاء كَغُسْلِ الجنابة ولاسيما فَإِنَّ فِي الْحَدِيث نَفْسه وَسَأَلَتْهُ عَنْ غُسْل الْجَنَابَة فَقَالَ تَأْخُذ مَاء فَتَطَهَّرَ بِهِ فَتُحْسِن الطَّهُور أَوْ تُبْلِغ الطَّهُور ثُمَّ تَصُبّ عَلَى رَأْسهَا فَتَدْلُكهُ حَتَّى تَبْلُغ شُؤُون رَأْسهَا

ثُمَّ تُفِيض عَلَيْهَا الْمَاء فَفَرَّقَ بَيْن غُسْل الْحَيْضِ وَغُسْل الْجَنَابَة فِي هَذَا الْحَدِيث

وَجَعَلَ غُسْلَ الْحَيْض آكَد

وَلِهَذَا أَمَرَ فِيهِ بِالسِّدْرِ الْمُتَضَمِّن لِنَقْضِهِ

وَفِي وُجُوب السِّدْر قَوْلَانِ هُمَا وَجْهَانِ لِأَصْحَابِ أَحْمَدَ

وَفِي حَدِيث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا إِذَا كَانَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>