لِمَوْضِعِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ قَدْ أُمِيلَ عَنْ وَسَطِ الْقَبْرِ إِلَى جَانِبِهِ يُقَالُ لَحَدْتُ وَأَلْحَدْتُ انْتَهَى
وَقَالَ النَّوَوِيُّ يُقَالُ لَحَدَ يَلْحَدُ كَذَهَبَ يَذْهَبُ وَأَلْحَدَ يُلْحِدُ إِذَا حَفَرَ الْقَبْرَ وَاللَّحْدُ بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا مَعْرُوفٌ وَهُوَ الشَّقُّ تَحْتَ الْجَانِبِ الْقِبْلِيِّ مِنَ الْقَبْرِ انْتَهَى
زَادَ الْمُنَاوِيُّ قَدْرَ مَا يَسَعُ الْمَيِّتَ وَيُوضَعْ فِيهِ وَيُنْصَبُ عَلَيْهِ اللَّبِنُ (لَنَا) أَيْ هُوَ الَّذِي نُؤْثِرُهُ وَنَخْتَارُهُ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ قَالَهُ الْمُنَاوِيُّ (وَالشَّقُّ) بِفَتْحِ الشِّينِ أَنْ يُحْفَرَ وَسَطَ أَرْضِ الْقَبْرِ وَيُبْنَى حَافَتَاهُ بِلَبِنٍ أَوْ غَيْرِهِ وَيُوضَعُ الْمَيِّتُ بَيْنَهُمَا وَيُسْقَفُ عَلَيْهِ (لِغَيْرِنَا) مِنَ الْأُمَمِ السَّابِقَةِ فَاللَّحْدُ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ هَذِهِ الْأُمَّةِ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ اللَّحْدِ وَلَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ عَنِ الشَّقِّ
قَالَ الْقَاضِي مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّحْدَ آثَرُ لَنَا وَالشَّقُّ لَهُمْ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى اخْتِيَارِ اللَّحْدِ فَإِنَّهُ أَوْلَى مِنَ الشَّقِّ لَا الْمَنْعُ مِنْهُ لَكِنْ مَحَلُّ أَفْضَلِيَّةِ اللَّحْدِ فِي الْأَرْضِ الصُّلْبَةِ وَإِلَّا فالشق أفضل
قال بن تَيْمِيَّةَ وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى مُخَالَفَتِنَا لِأَهْلِ الْكِتَابِ في كل ما هو شعارهم حتى في وضع الميت في أسفل القبر انتهى
كذا في فتح القدير للمناوي قلت حديث بن عباس هكذا مروي بلفظ اللحد لنا والشق لغيرناوروى أحمد في مسنده مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ بلفظ اللحد لنا والشق لغيرنا من أهل الكتاب قال العلقمي والمناوي فيه أبو الْيَقْظَانَ الْأَعْمَى عُثْمَانُ بْنُ عُمَيْرٍ الْبَجَلِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلَفْظُ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ بِإِسْنَادِهِ إِلَى جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَلْحِدُوا وَلَا تَشُقُّوا فَإِنَّ اللَّحْدَ لَنَا وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا
قَالَ الْعَلْقَمِيُّ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الدَّفْنَ فِي اللَّحْدِ وَالشَّقِّ جَائِزَانِ لَكِنْ إِنْ كَانَتِ الْأَرْضُ صُلْبَةٌ لَا يَنْهَارُ تُرَابُهَا فَاللَّحْدُ أَفْضَلُ وَإِنْ كَانَتْ رَخْوَةً فَالشَّقُّ أَفْضَلُ
وَقَالَ الْمُتَوَلِّي اللَّحْدُ أَفْضَلُ مُطْلَقًا لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وغيره انتهى
والحاصل أن حديث بن عَبَّاسٍ يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ اللَّحْدِ وَأَنَّهُ أَوْلَى مِنَ الضَّرْحِ وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الْأَكْثَرُ كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ وَحَكَى فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إِجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ عَلَى جَوَازِ اللَّحْدِ وَالشَّقِّ وَيَدُلُّ عَلَى ذلك ما أخرجه أحمد وبن مَاجَهْ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ رَجُلٌ يَلْحَدُ وَآخَرُ يَضْرَحُ فَقَالُوا نَسْتَخِيرُ رَبَّنَا وَنَبْعَثُ إِلَيْهِمَا فَأَيُّهُمَا سَبَقَ تَرَكْنَاهُ فَأُرْسِلَ إِلَيْهِمَا فَسَبَقَ صَاحِبُ اللَّحْدِ فَلَحَدُوا لَهُ وَلِابْنِ مَاجَهْ هَذَا المعنى من حديث بن عَبَّاسٍ وَفِيهِ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ كَانَ يَضْرَحُ وَأَنَّ أَبَا طَلْحَةَ كَانَ يَلْحَدُ وحديث أنس إسناده حسن وحديث بن عَبَّاسٍ فِيهِ ضَعْفٌ قَالَهُ الْحَافِظُ
وَمَعْنَى قَوْلِهِ كَانَ يَضْرَحُ أَيْ يَشُقُّ فِي وَسَطِ الْقَبْرِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الضَّرْحُ الشَّقُّ انْتَهَى
وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَّرَ مَنْ كَانَ يَضْرَحُ وَلَمْ يَمْنَعْهُ
وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْحَقِّ الدَّهْلَوِيُّ