وَفِي النَّيْلِ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمَشْيُ بَيْنَ الْقُبُورِ بِالنَّعْلَيْنِ وَلَا يَخْتَصُّ عَدَمُ الْجَوَازِ بِكَوْنِ النَّعْلَيْنِ سِبْتِيَّتَيْنِ لِعَدَمِ الفارق بينها وبين غيرها وقال بن حزم يجوز وطأ الْقُبُورِ بِالنِّعَالِ الَّتِي لَيْسَتْ سِبْتِيَّةً لِحَدِيثِ إِنَّ الْمَيِّتَ يَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ وَخَصَّ الْمَنْعَ بِالسِّبْتِيَّةِ وَجَعَلَ هَذَا جَمْعًا بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ
وَهُوَ وَهَمٌ لِأَنَّ سَمَاعَ الْمَيِّتِ لِخَفْقِ النِّعَالِ لَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ الْمَشْيُ عَلَى قَبْرٍ أَوْ بَيْنَ الْقُبُورِ فَلَا مُعَارَضَةَ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ إِنَّ النَّهْيَ عَنِ السِّبْتِيَّةِ لِمَا فِيهَا مِنَ الْخُيَلَاءِ وَرُدَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَلْبَسُهَا انْتَهَى
قَالَ الْعَيْنِيُّ إِنَّمَا اعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِالْخَلْعِ احْتِرَامًا لِلْمَقَابِرِ وَقِيلَ لِاخْتِيَالِهِ فِي مَشْيِهِ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ إِنَّ أَمْرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخَلْعِ لَا لِكَوْنِ الْمَشْيِ بَيْنَ الْقُبُورِ بِالنِّعَالِ مَكْرُوهًا وَلَكِنْ لَمَّا رَأَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَذَرًا فِيهِمَا يُقَذِّرُ الْقُبُورَ أَمَرَ بِالْخَلْعِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
[٣٢٣١] (وَتَوَلَّى) مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ أَيْ أَدْبَرَ وَذَهَبَ (قَرْعَ نِعَالِهِمْ) أَيْ صَوْتَهَا عِنْدَ الْمَشْيِ قَالَ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
وَقَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَل رَحِمَهُ اللَّه حَدِيث بَشِير إِسْنَاده جَيِّد أَذْهَب إِلَيْهِ إِلَّا مِنْ علة
قَالَ الْمُجَوِّزُونَ
يُحْتَمَل أَنْ يَكُون النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى بِنَعْلَيْهِ قَذَرًا فَأَمَرَهُ أَنْ يَخْلَعهُمَا وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون كَرِهَ لَهُ الْمَشْي فِيهِمَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْخُيَلَاء فَإِنَّ النِّعَال السِّبْتِيَّة مِنْ زِيّ أَهْل التَّنَعُّم وَالرَّفَاهِيَة كَمَا قَالَ عَنْتَرَة يَظَلّ كَأَنَّ ثِيَابه فِي سرجه يحذي نِعَال السَّبْت لَيْسَ بِتَوْأَمٍ وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ وَلَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيث شَيْء مِنْ ذَلِكَ
وَمَنْ تَدَبَّرَ نَهْي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْجُلُوس عَلَى الْقَبْر وَالِاتِّكَاء عَلَيْهِ وَالْوَطْء عَلَيْهِ عَلِمَ أَنَّ النَّهْي إِنَّمَا كَانَ احتراما لسكانها أن يوطأ بالنعال فوق رؤوسهم وَلِهَذَا يَنْهَى عَنْ التَّغَوُّط بَيْن الْقُبُور وَأَخْبَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْجُلُوس عَلَى الْجَمْر حَتَّى تَحْرُق الثِّيَاب خَيْر مِنْ الْجُلُوس عَلَى الْقَبْر وَمَعْلُوم أَنَّ هَذَا أَخَفّ مِنْ الْمَشْي بَيْن الْقُبُور بِالنِّعَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute