للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

طَاعَةٌ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ بَلْ يَجُوزُ الرُّكُوبُ لِأَنَّ الْمَشْيَ نَفْسَهُ غَيْرُ طَاعَةٍ إِنَّمَا الطَّاعَةُ الْوُصُولُ إِلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ كَالْبَيْتِ الْعَتِيقِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْمَشْيِ وَالرُّكُوبِ ولهذا سوغ للنبي الرُّكُوبَ لِلنَّاذِرَةِ بِالْمَشْيِ فَكَانَ ذَلِكَ دَالًّا عَلَى عَدَمِ لُزُومِ النَّذْرِ بِالْمَشْيِ وَإِنْ دَخَلَ تَحْتَ الطَّاقَةِ

قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَإِنَّمَا أَمَرَ النَّاذِرَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ أَيِ الْآتِي أَنْ يَرْكَبَ جَزْمًا وَأَمَرَ أُخْتَ عُقْبَةَ أَنْ تَمْشِيَ وَأَنْ تَرْكَبَ لِأَنَّ النَّاذِرَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ كَانَ شَيْخًا ظَاهِرَ الْعَجْزِ وَأُخْتُ عُقْبَةَ لَمْ تُوصَفْ بِالْعَجْزِ فَكَأَنَّهُ أَمَرَهَا أَنْ تَمْشِيَ إِنْ قَدِرَتْ وَتَرْكَبَ إِنْ عَجَزَتَ انْتَهَى

قَالَ النَّوَوِيُّ حَدِيثُ أَنَسٍ مَحْمُولٌ عَلَى الْعَاجِزِ عَنِ الْمَشْيِ فَلَهُ الرُّكُوبُ وَعَلَيْهِ دَمٌ وَحَدِيثُ أُخْتِ عُقْبَةَ مَعْنَاهُ تَمْشِي فِي وَقْتِ قُدْرَتِهَا عَلَى الْمَشْيِ وَتَرْكَبُ إِذَا عَجَزَتْ عَنِ الْمَشْيِ أَوْ لَحِقَتْهَا مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ فَتَرْكَبُ وَعَلَيْهَا دَمٌ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ وُجُوبِ الدَّمِ فِي الصُّورَتَيْنِ هُوَ أَرْجَحُ الْقَوْلَيْنِ لِلشَّافِعِيِّ وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ

وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَا دَمَ عَلَيْهِ بَلْ يُسْتَحَبُّ الدَّمُ وَأَمَّا الْمَشْيُ حَافِيًا فَلَا يَلْزَمُهُ الْحَفَاءُ بَلْ لَهُ لُبْسُ النَّعْلَيْنِ وَقَدْ جَاءَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ مُبَيَّنًا أَنَّهَا رَكِبَتْ لِلْعَجْزِ قَالَ إِنَّ أُخْتِي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ مَاشِيَةً وَإِنَّهَا لَا تُطِيقُ ذَلِكَ الْحَدِيثُ انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ

وَأُخْتُ عُقْبَةَ هِيَ أُمُّ حِبَّانَ بِنْتِ عَامِرٍ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبَعْدَهَا بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ أَسْلَمَتْ وَبَايَعَتِ انْتَهَى كلامه

[٣٢٩٦] (أَنْ تَرْكَبَ) أَيْ لِلْعَجْزِ (وَتُهْدِيَ هَدْيًا) وَأَقَلُّهُ شَاةٌ وَأَعْلَاهُ بَدَنَةٌ فَالشَّاةُ كَافِيَةٌ وَالْأَمْرٌ بِالْبَدَنَةِ لِلنَّدْبِ قَالَ الْقَاضِي لَمَّا كَانَ الْمَشْيُ فِي الْحَجِّ مِنْ عِدَادِ الْقُرُبَاتِ وَجَبَ بِالنَّذْرِ وَالْتَحَقَ بِسَائِرِ أَعْمَالِهِ الَّتِي لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا إِلَّا لِمَنْ عَجَزَ وَيَتَعَلَّقُ بِتَرْكِهِ الْفِدْيَةُ وَاخْتُلِفَ فِي الْوَاجِبِ فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَجِبُ بَدَنَةٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجِبُ دَمُ شَاةٍ كَمَا مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ وَحَمَلُوا الْأَمْرَ بِالْبَدَنَةِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وهوقول مَالِكٍ وَأَظْهَرُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَقِيلَ لَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ وَإِنَّمَا أُمِرَ بِالْهَدْيِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ دُونَ الْوُجُوبِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ وَتَقَدَّمَ بَعْضُ بَيَانِهِ وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>