وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ عَنْ كَرَدْمِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَذْرٍ نَذَرَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ لَهُ أَلِوَثَنٍ أَوْ لِنُصُبٍ قَالَ لَا وَلَكِنْ لِلَّهِ فَقَالَ أَوْفِ لِلَّهِ مَا جَعَلْتَ لَهُ انْحَرْ عَلَى بُوَانَةَ وَأَوْفِ بِنَذْرِكَ وَفِي لَفْظٍ له قال يارسول اللَّهِ إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ بِبُوَانَةَ وَسَيَجِيءُ بَعْدَ الْبَابِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ مَكَانُ النَّذْرِ مَا لَمْ يَكُنْ مَعْصِيَةً
وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَكَانَ لَا يَتَعَيَّنُ حَتْمًا بَلْ يَجُوزُ فِعْلُ الْمَنْذُورِ بِهِ فِي غَيْرِهِ فَيَكُونُ مَا هُنَا بَيَانًا لِلْجَوَازِ
وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنْ يَتَعَيَّنَ مَكَانُ النَّذْرِ إِذَا كَانَ مُسَاوِيًا لِلْمَكَانِ الَّذِي فِيهِ النَّاذِرِ أَوْ أَفْضَلَ مِنْهُ لَا إِذَا كَانَ الْمَكَانُ الَّذِي فِيهِ النَّاذِرُ فَوْقَهُ فِي الْفَضِيلَةِ
وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْجَمْعَ مَا أَخْرَجَهُ أحمد ومسلم من حديث بن عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً شَكَتْ شَكْوَى فَقَالَتْ إِنْ شَفَانِيَ اللَّهُ تَعَالَى فَلَأَخْرُجَنَّ فَلَأُصَلِيَنَّ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَبَرَأَتْ ثُمَّ تَجَهَّزَتْ تُرِيدُ الْخُرُوجَ فَجَاءَتْ مَيْمُونَةُ تُسَلِّمُ عَلَيْهَا فَأَخْبَرَتْهَا بِذَلِكَ فَقَالَتْ اجْلِسِي وَصَلِّي فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ صَلَاةٌ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ إِلَّا مَسْجِدَ الْكَعْبَةِ فَفِي حَدِيثِ مَيْمُونَةَ مِنْ تَعْلِيلِ مَا أَفْتَتْ بِهِ بِبَيَانِ أَفْضَلِيَّةِ الْمَكَانِ الَّذِي فِيهِ النَّاذِرَةُ فِي الشَّيْءِ الْمَنْذُورِ بِهِ وَهُوَ الصَّلَاةُ (شَأْنَكَ) بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ أَيِ الْزَمْ شَأْنَكَ وَالْمَعْنَى أَنْتَ تَعْلَمُ حَالَكَ (إِذًا) بِالتَّنْوِينِ جَوَابٌ وَجَزَاءٌ أَيْ إِذَا أَبَيْتَ أَنْ تصلي ها هنا فَافْعَلْ مَا نَذَرْتَ بِهِ مِنْ صَلَاتِكَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذَرِيُّ
وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الدَّارِمِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ أَيْضًا الْحَافِظُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
[٣٣٠٦] (حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ) قَالَ الْحَافِظُ الْمِزِّيُّ الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي النُّذُورِ عَنْ مَخْلَدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ وَعَنْ أَبِي الْعَبَّاسَ الْعَنْبَرِيِّ عَنْ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ كلاهما عن بن جُرَيْجٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّهُ سَمِعَ حَفْصَ بْنَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَعَمْرُو بْنُ حَنَّةَ أَخْبَرَاهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى
(أَنَّهُ سَمِعَ) أَيْ أَنَّ يُوسُفَ سَمِعَ مِنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ وَمِنْ عَمْرِو بْنِ حَنَّةَ (وَعُمَرَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ هَكَذَا مَضْبُوطٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ
وَأَمَّا فِي بَعْضِ النُّسَخِ فَعَمْرُو بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ حَفْصٍ (وَقَالَ عَبَّاسٌ) الْعَنْبَرِيُّ شَيْخُ الْمُؤَلِّفِ فِي روايته بن حَنَّةَ أَيْ عَمْرَو بْنَ حَنَّةَ وَأَمَّا مَخْلَدُ بن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute