(عَنْ حُسَيْنِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ مِثْلَهُ) وَحَدِيثُ حُسَيْنٍ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ أَنَّ أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ لَمَّا تاب الله عليه قال يارسول اللَّهِ إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَهْجُرَ دَارَ قَوْمِي وَأُسَاكِنَكَ وَأَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً لله عزوجل وَلِرَسُولِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجزئ عَنْكَ الثُّلُثُ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَوْرَدَهُ فِي الْفَتْحِ وسكت عنه
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه الْمَحْفُوظ فِي هَذَا الْحَدِيث مَا أَخْرَجَهُ أَصْحَاب الصَّحِيح مِنْ قَوْله أَمْسِكْ عَلَيْك بَعْض مَالك وَأَمَّا ذِكْر الثُّلُث فِيهِ فَإِنَّمَا أَتَى به بن إِسْحَاق وَلَكِنْ هُوَ فِي حَدِيث أَبِي لُبَابَة بْن عَبْد الْمُنْذِر لَمَّا تَابَ اللَّه عَلَيْهِ قَالَ يَا رَسُول اللَّه إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَهْجُر دَار قَوْمِي وَأُسَاكِنك وَأَنْخَلِع مِنْ مَالِي صَدَقَة لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِرَسُولِهِ
فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجْزِئ عَنْك الثُّلُث
وَلَعَلَّ بَعْض الرُّوَاة وَهَمَ فِي نَقْله هَذَا إِلَى حَدِيث كَعْب بْن مَالِك فِي قِصَّة تَوْبَته وَلَكِنْ لَيْسَ فِي هَذَا أَنَّهُ نَذَرَ الصَّدَقَة بِمَالِهِ وَلَا تَعَلُّق فِي قَوْله وَيُجْزِئك الثُّلُث عَلَى أَنَّهُ كَانَ نَذْرًا فَإِنَّ يُجْزِئ رُبَاعِيّ بِمَعْنَى يَكْفِي وَالْمَعْنَى يَكْفِيك مِمَّا عَزَمْت عَلَيْهِ وَأَرَدْته الثُّلُث
وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ النَّاذِر لِلصَّدَقَةِ بِمَالِهِ يُجْزِئهُ ثُلُثه
وَالْقِيَاس أَنَّهُ إِنْ كَانَ حَالِفًا بِالصَّدَقَةِ أَجْزَأَهُ كَفَّارَة يَمِين وَإِنْ كَانَ نَاذِرًا مُتَقَرِّبًا تَصَدَّقَ بِهِ وَأَبْقَى مَا يَكْفِيه وَيَكْفِي عِيَاله عَلَى الْوَجْه الَّذِي قُلْنَا بِهِ فِي الْحَجّ
وَقَالَ رَبِيعَة يَتَصَدَّق مِنْهُ بِقَدْرِ الزَّكَاة لِأَنَّهَا هِيَ الْوَاجِب شَرْعًا فَيَنْصَرِف النَّذْر إِلَيْهَا
وَقَالَ الشَّافِعِيّ إِنْ حَلَفَ بِهِ فَكَفَّارَة يَمِين وَإِنْ نَذَرَهُ قُرْبَة تَصَدَّقَ بِهِ كُلّه
وَقَالَ مَالِك يُخْرِج ثُلُثه فِي الْوَجْهَيْنِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة إِنْ كَانَ مَاله زَكَوِيًّا تَصَدَّقَ بِهِ كُلّه
وَعَنْهُ فِي غَيْر الزَّكَوِيّ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا يُخْرِجهُ كُلّه
وَالثَّانِيَة لَا تَجِب الصَّدَقَة بِشَيْءٍ مِنْهُ
وَأَصَحّ هَذِهِ الْأَقْوَال مَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيث كَعْب الْمُتَّفَق عَلَيْهِ أَنَّهُ يَتَصَدَّق بِهِ وَيُمْسِك عَلَيْهِ بَعْضه وَهُوَ مَا يَكْفِيه وَيَكْفِي عِيَاله
وَاَللَّه أَعْلَم