وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَنَّ الْبَيْضَاءَ هِيَ الْحِنْطَةُ
انْتَهَى
(يُسْأَلُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ) قَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنَ الِاسْتِفْهَامِ اسْتِعْلَامُ الْقَضِيَّةِ فَإِنَّهَا جَلِيَّةٌ مُسْتَغْنِيَةٌ عَنِ الِاسْتِكْشَافِ بَلِ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ الشَّرْطَ تَحَقُّقُ الْمُمَاثَلَةِ حَالَ الْيُبُوسَةِ فَلَا يَكْفِي تَمَاثُلُ الرُّطَبِ وَالتَّمْرِ عَلَى رُطُوبَتِهِ وَلَا عَلَى فَرْضِ الْيُبُوسَةِ لِأَنَّهُ تَخْمِينٌ وَخَرْصٌ لَا تَعَيُّنَ فِيهِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَجَوَّزَ أَبُو حَنِيفَةَ بَيْعَ الرُّطَبِ وَالتَّمْرِ إِذَا تُسَاوَيَا كَيْلًا وَحُمِلَ الْحَدِيثُ عَلَى الْبَيْعِ نَسِيئَةً لِمَا رُوِيَ عَنْ هَذَا الرَّاوِي أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ نَسِيئَةً كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
فَهَذَا تَحْقِيق مَذَاهِب الْأَئِمَّة فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة الْمُعْضِلَة وَمَآخِذهمْ
وَحَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو صَرِيح فِي جَوَاز الْمُفَاضَلَة وَالنَّسَاء وَهُوَ حَدِيث حَسَن
قَالَ عُثْمَان بْن سَعِيد قُلْت لِيَحْيَى بْن مَعِين أَبُو سُفْيَان الَّذِي رَوَى عَنْهُ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق يَعْنِي هَذَا الْحَدِيث مَا حَاله قَالَ مَشْهُور ثِقَة
قُلْت عَنْ مُسْلِم بْن كَثِير عَنْ عَمْرو بْن حُرَيْثٍ الزُّبَيْدِيّ قَالَ هُوَ حَدِيث مَشْهُور وَلَكِنْ مَالِك يَحْمِلهُ عَلَى اِخْتِلَاف الْمَنَافِع وَالْأَغْرَاض فَإِنَّ الَّذِي كَانَ يَأْخُذهُ إِنَّمَا هُوَ لِلْجِهَادِ وَاَلَّذِي جَعَلَهُ عِوَضه هُوَ مِنْ إِبِل الصَّدَقَة قَدْ يَكُون مَعَ بَنِي الْمَخَاض وَمِنْ حَوَاشِي الْإِبِل وَنَحْوهَا
وَأَمَّا الْإِمَام أَحْمَد فَإِنَّهُ كَانَ يُعَلِّل أَحَادِيث الْمَنْع كُلّهَا
قَالَ لَيْسَ فِيهَا حَدِيث يُعْتَمَد عَلَيْهِ ويعجبني أن يتوقاه وذكر له حديثا بن عباس وبن عُمَر فَقَالَ هُمَا مُرْسَلَانِ
وَحَدِيث سَمُرَة عَنْ الْحَسَن قَالَ الْأَثْرَم قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه لَا يَصِحّ سَمَاع الْحَسَن مِنْ سَمُرَة
وَأَمَّا حَدِيث جَابِر مِنْ رِوَايَة حَجَّاج بْن أَرْطَاةَ عَنْ الزُّبَيْر عَنْهُ فَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد هَذَا حَجَّاج زَادَ فِيهِ نَسَاء وَاللَّيْث بْن سَعْد سَمِعَهُ مِنْ أَبِي الزُّبَيْر لَا يَذْكُر فِيهِ نَسَاء
وَهَذِهِ لَيْسَتْ بِعِلَّةٍ فِي الْحَقِيقَة فَإِنَّ قَوْله وَلَا بَأْس بِهِ يَدًا بِيَدٍ يَدُلّ عَلَى أَنَّ قَوْله لَا يَصْلُح يَعْنِي نَسَاء فَذِكْر هَذِهِ اللَّفْظَة زِيَادَة إِيضَاح لَوْ سَكَتَ عَنْهَا لَكَانَتْ مَفْهُومَة مِنْ الْحَدِيث وَلَكِنَّهُ مُعَلَّل بِالْحَجَّاجِ فَقَدْ أَكْثَرَ النَّاس الْكَلَام فِيهِ وَبَالَغَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي السُّنَن فِي تَضْعِيفه وَتَوْهِينه
وَقَدْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ إِذَا اِخْتَلَفَتْ الْأَحَادِيث عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظَرْنَا إِلَى مَا عَمِلَ بِهِ أَصْحَابه مِنْ بَعْده