للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التَّفَرُّقُ بِالْأَبْدَانِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ وَبِهِ قَالَ شُرَيْحٌ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَالزُّهْرِيُّ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي ثَوْرٍ

وَقَالَ النَّخَعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ الِافْتِرَاقُ بِالْكَلَامِ وَإِذَا تَعَاقَدَا صَحَّ الْبَيْعُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ

وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَشْهَدُ لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ التَّفَرُّقَ هُوَ تفرق الأبدان وعلى هذا فسره بن عُمَرَ وَهُوَ رَاوِي الْخَبَرَ وَكَانَ إِذَا بَايَعَ رَجُلًا فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَحِقَّ الصَّفْقَةَ مَشَى خُطُوَاتٍ حَتَّى يُفَارِقَهُ وَكَذَلِكَ تَأَوَّلَهُ أَبُو بَرْزَةَ فِي شَأْنِ الْفَرَسِ الَّذِي بَاعَهُ الرَّجُلُ مِنْ صَاحِبِهِ وَهُمَا فِي الْمَنْزِلِ وَعَلَى هَذَا وَجَدْنَا أَمْرَ النَّاسِ وَعُرْفَ اللُّغَةِ

وَظَاهِرُ الْكَلَامِ إِذَا قِيلَ تَفَرَّقَ النَّاسُ كَانَ الْمَفْهُومُ مِنْهُ التَّمَيُّزُ بِالْأَبْدَانِ وَإِنَّمَا يُعْقَلُ مَا عَدَاهُ مِنَ التَّفَرُّقِ فِي الرَّأْيِ وَالْكَلَامِ بِقَيْدٍ وَصِلَةٍ قَالَ وَلَوْ كَانَ تَأْوِيلُ الْحَدِيثِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي صَارَ إِلَيْهِ النَّخَعِيُّ لَخَلَا الْحَدِيثُ عَنِ الْفَائِدَةِ وَسَقَطَ مَعْنَاهُ وَذَلِكَ أَنَّ الْعِلْمَ مُحِيطٌ بِأَنَّ الْمُشْتَرِي مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ قَبُولُ الْبَيْعِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ وَكَذَلِكَ الْبَائِعُ خِيَارُهُ ثَابِتٌ فِي مِلْكِهِ قَبْلَ أَنْ يَعْقِدَ الْبَيْعَ وَهَذَا مَعَ الْعِلْمِ الْعَامِّ الَّذِي قَدِ اسْتَقَرَّ بَيَانُهُ انْتَهَى مُخْتَصَرًا (إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ)

قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ذَكَرَهَا أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَصَحُّهَا أَنَّ الْمُرَادَ التَّخْيِيرُ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْمَجْلِسِ وَتَقْدِيرُهُ يَثْبُتُ لَهُمَا الْخِيَارُ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إِلَّا أَنْ يَتَخَايَرَا فِي الْمَجْلِسِ وَيَخْتَارَا إِمْضَاءَ الْبَيْعِ فَيَلْزَمُ الْبَيْعُ بِنَفْسِ التَّخَايُرِ وَلَا يَدُومُ إِلَى الْمُفَارَقَةِ

وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ مَعْنَاهُ إِلَّا بَيْعًا شُرِطَ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ دُونَهَا فَلَا يَنْقَضِي الْخِيَارُ فِيهِ بِالْمُفَارَقَةِ بَلْ يَبْقَى حَتَّى تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ الْمَشْرُوطَةُ

وَالثَّالِثُ مَعْنَاهُ إِلَّا بَيْعًا شُرِطَ فِيهِ أَنْ لَا خِيَارَ لَهُمَا فِي الْمَجْلِسِ فَيَلْزَمُ الْبَيْعُ بِنَفْسِ الْبَيْعِ وَلَا يَكُونُ فِيهِ خِيَارٌ وَهَذَا تَأْوِيلُ مَنْ يُصَحِّحِ الْبَيْعَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا بُطْلَانُهُ بِهَذَا الشَّرْطِ انْتَهَى

وَكَذَا صَحَّحَ الْخَطَّابِيُّ الْمَعْنَى الْأَوَّلَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ

[٣٤٥٥] (أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اخْتَرْ) أَيْ أَمْضِ الْبَيْعَ

قَالَ الْخَطَّابِيُّ لَيْسَ بَعْدَ الْعَقْدِ تَفَرُّقٌ إِلَّا التَّمْيِيزُ بِالْأَبْدَانِ وَيَشْهَدُ لِصِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ وَمَعْنَاهُ أَنْ يُخَيِّرَهُ قَبْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>