وقال بن مَعِينٍ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ (قَالَ كَانَ أَبُو زرعة) بن عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ الْبَجَلِيُّ الْكُوفِيُّ رَوَى عَنْ جَدِّهِ جَرِيرٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ ثِقَاتِ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ (لَا يَفْتَرِقْنَ اثْنَانِ) أَيْ مُتَبَايِعَانِ (إِلَّا عَنْ تَرَاضٍ)
قَالَ الطِّيبِيُّ صِفَةُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ أَيْ لَا يَتَفَرَّقْنَ اثْنَانِ إِلَّا تفرقا صادرا عن تراض
قال القارىء وَالْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنَّهُمَا لَا يَتَفَارَقَانِ إِلَّا عَنْ تَرَاضٍ بَيْنَهُمَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِإِعْطَاءِ الثَّمَنِ وَقَبْضِ الْمَبِيعِ وَإِلَّا فَقَدْ يَحْصُلُ الضَّرَرُ وَالضِّرَارُ وَهُوَ مَنْهِيٌّ فِي الشَّرْعِ أَوِ الْمُرَادُ مِنْهُ أَنْ يُشَاوِرَ مُرِيدُ الْفِرَاقِ صَاحِبَهُ أَلَكَ رَغْبَةً فِي الْمَبِيعِ فَإِنْ أُرِيدَ الْإِقَالَةُ أَقَالَهُ وَهَذَا نَهْيُ تَنْزِيهٍ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى حِلِّ الْمُفَارَقَةِ مِنْ غَيْرِ إِذْنِ الْآخَرِ وَلَا عِلْمِهِ
قَالَ الْأَشْرَفُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّفَرُّقُ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ لِانْقِطَاعِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ إِلَّا بِرِضَاهُمَا انْتَهَى
وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ إِجْمَاعًا وَالنَّهْيُ لِلتَّنْزِيهِ قَالَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى ثُبُوتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ لَهُمَا وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِهَذَا الْقَوْلِ حِينَئِذٍ انْتَهَى
وَأَنْتَ عَلِمْتَ مَعْنَى الْقَوْلِ فيما سبق وتحقق انتهى كلام القارىء
قُلْتُ لَا رَيْبَ فِي أَنَّ الْحَدِيثَ يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ كَمَا قَالَ الْأَشْرَفُ وَلِهَذَا كَانَ أَبُو زَرْعَةَ رَاوِي الْحَدِيثَ إِذَا بَايَعَ رَجُلًا خَيَّرَهُ ثُمَّ يَقُولُ خَيِّرْنِي وَأَمَّا ما ذكر القارىء مِنْ مُرَادِ الْحَدِيثِ فَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَعِلْمُهُ أَتَمُّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا زُرْعَةَ وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ
[٣٤٥٩] (الْبَيِّعَانِ) بِتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ الْمَكْسُورَةِ بَعْدَ الْمُوَحَّدَةِ الْمَفْتُوحَةِ أَيِ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي (بِالْخِيَارِ) أَيْ فِي الْمَجْلِسِ (مَا لَمْ يَفْتَرِقَا) أَيْ بِبَدَنِهِمَا عَنْ مَكَانِ التَّعَاقُدِ (فَإِنْ صَدَقَا) أَيِ الْبَائِعُ فِي صِفَةِ الْمَبِيعِ وَالْمُشْتَرِي فِي مَا يُعْطِي فِي عِوَضِ الْمَبِيعِ (وَبَيَّنَا) أَيْ مَا بِالْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ مِنْ عَيْبٍ وَنَقْصٍ (وَإِنْ كَتَمَا) أَيْ مَا فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ مِنَ الْعَيْبِ وَالنَّقْصِ (وَكَذَبَا) أَيْ فِي وَصْفِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ (مُحِقَتْ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ أُزِيلَتْ وَذَهَبَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute