شَيْخٍ مِنْ شَرْعَبٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ (أَخْبَرَنَا أَبُو خِدَاشٍ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ كُنْيَةُ حِبَّانَ بْنِ زَيْدٍ (ثَلَاثًا) أَيْ ثَلَاثَ غَزَوَاتٍ (فِي الْمَاءِ) بَدَلٌ بِإِعَادَةِ الْجَارِ وَالْمُرَادُ الْمِيَاهُ الَّتِي لَمْ تَحْدُثْ بِاسْتِنْبَاطِ أَحَدٍ وَسَعْيِهِ كَمَاءِ الْقِنَى وَالْآبَارِ وَلَمْ يُحْرَزْ فِي إِنَاءٍ أَوْ بِرْكَةٍ أَوْ جَدْوَلٍ مَأْخُوذٍ مِنَ النَّهَرِ (وَالْكَلَأِ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَاللَّامِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَقْصُورَةٌ وَهُوَ النَّبَاتُ رَطْبُهُ وَيَابِسُهُ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ الْكَلَأُ الَّذِي يَنْبُتُ فِي مَوَاتِ الْأَرْضِ يَرْعَاهُ النَّاسُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَخْتَصَّ بِهِ دُونَ أَحَدٍ أَوْ يَحْجُرَهُ عَنْ غَيْرِهِ
وَأَمَّا الْكَلَأُ إِذَا كَانَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لِمَالِكٍ بِعَيْنِهِ فَهُوَ مَالٌ لَهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُشْرِكَهُ فِيهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ انْتَهَى
(وَالنَّارِ) يُرَادُ مِنَ الِاشْتِرَاكِ فِيهَا أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنَ الِاسْتِصْبَاحِ مِنْهَا وَالِاسْتِضَاءَةِ بِضَوْئِهَا لَكِنْ لِلْمُسْتَوْقِدِ أَنْ يَمْنَعَ أَخْذَ جِذْوَةٍ مِنْهَا لِأَنَّهُ يُنْقِصُهَا وَيُؤَدِّي إِلَى إِطْفَائِهَا
وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالنَّارِ الْحِجَارَةُ الَّتِي تُورِي النَّارَ لَا يُمْنَعُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهَا إِذَا كَانَتْ فِي مَوَاتٍ
قَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ اعْلَمْ أَنَّ أَحَادِيثَ الْبَابِ تَنْتَهِضُ بِمَجْمُوعِهَا فَتَدُلُّ عَلَى الِاشْتِرَاكِ فِي الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ مُطْلَقًا وَلَا يَخْرُجُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا بِدَلِيلٍ يَخُصُّ بِهِ عُمُومَهَا لَا بِمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْهَا مُطْلَقًا كَالْأَحَادِيثِ الْقَاضِيَةِ بِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبَةِ مِنْ نَفْسِهِ لِأَنَّهَا مَعَ كَوْنِهَا أَعَمَّ إِنَّمَا تَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهَا بَعْدَ ثُبُوتِ الْمَالِ وَثُبُوتُهُ فِي الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ مَحَلُّ النِّزَاعِ انْتَهَى
وَقَالَ السِّنْدِيُّ وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى ظَاهِرِهِ فَقَالُوا إِنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ الثَّلَاثَةَ لَا تُمْلَكُ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهَا مُطْلَقًا وَالْمَشْهُورُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَلَأِ هُوَ الْكَلَأُ الْمُبَاحُ الَّذِي لَا يَخْتَصُّ بِأَحَدٍ وَبِالْمَاءِ مَاءُ السَّمَاءِ وَالْعُيُونِ وَالْأَنْهَارِ الَّتِي لَا تُمْلَكُ وَبِالنَّارِ الشَّجَرُ الَّذِي يَحْتَطِبُهُ النَّاسُ مِنَ الْمُبَاحِ فَيُوقِدُونَهُ فَالْمَاءُ إِذَا أَحْرَزَهُ الْإِنْسَانُ فِي إِنَائِهِ وَمِلْكِهِ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَكَذَا غَيْرُهُ انْتَهَى
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute