بِالنَّقْلِ عَنْ مَكَانِهِ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَنِ اشْتَرَى طَعَامًا أَنْ يَبِيعَهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْجُزَافِ وَغَيْرِهِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ
وَحُكِيَ فِي الْفَتْحِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْجُزَافِ وَغَيْرِهِ فَأَجَازَ بَيْعَ الْجِزَافِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَإِسْحَاقُ والحديث يرد عليهم وكذا حديث بن عُمَرَ الْآتِي مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ
قال المنذري وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي وبن مَاجَهْ بِنَحْوِهِ
[٣٤٩٥] (نَهَى أَنْ يَبِيعَ أَحَدٌ طَعَامًا اشْتَرَاهُ بِكَيْلٍ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ) اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْجُزَافِ وَغَيْرِهِ
قَالَ الزَّرْقَانِيُّ وَفَرَّقَ مَالِكٌ بَيْنَ الْجُزَافِ فَأَجَازَ بَيْعَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّهُ مَرْئِيٌّ فَيَكْفِي فِيهِ التَّخْلِيَةُ وَبَيْنَ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ فَلَا بُدَّ مِنَ الِاسْتِيفَاءِ
وَقَدْ رَوَى أحمد عن بن عُمَرَ مَرْفُوعًا مَنِ اشْتَرَى بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ فَفِي قَوْلِهِ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا خَالَفَهُ بِخِلَافِهِ
وَجَعَلَ مَالِكٌ رِوَايَةَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ تَفْسِيرًا لِرِوَايَةِ حَتَّى يَقْبِضَهُ لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ لَا يَكُونُ بِالْكَيْلِ أَوِ الْوَزْنِ عَلَى الْمَعْرُوفِ لُغَةً
قَالَ تَعَالَى الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون وقال فأوف لنا الكيل وقال وأوفوا الكيل إذا كلتم انْتَهَى
وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْهُ بِأَنَّ التَّنْصِيصَ عَلَى كَوْنِ الطَّعَامِ الْمَنْهِيِّ عَنْ بَيْعِهِ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ ثُبُوتِ الْحُكْمِ فِي غَيْرِهِ
نَعَمْ لَوْ لَمْ يُوجَدْ فِي الْبَابِ إِلَّا الْأَحَادِيثُ الَّتِي فِيهَا إِطْلَاقُ لَفْظِ الطَّعَامِ لَأَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ يُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ بِالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَأَمَّا بَعْدَ التَّصْرِيحِ بِالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْجِزَافِ قَبْلَ قَبْضِهِ كَمَا فِي حديث بن عُمَرَ فَيَتَحَتَّمُ الْمَصِيرُ إِلَى أَنَّ حُكْمَ الطَّعَامِ مُتَّحِدٌ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنِ الْجُزَافِ وَغَيْرِهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ