وَإِسْكَانِ الرَّاءِ مِنْ أَشْرَكْتُهُ فِي الْبَيْعِ إِذَا جَعَلْتُهُ لَكَ شَرِيكًا ثُمَّ خُفِّفَ الْمَصْدَرُ بِكَسْرِ الْأَوَّلِ وَسُكُونِ الثَّانِي فَيُقَالُ شِرْكٌ وَشَرِكَةٌ كَمَا يُقَالُ كَلِمٌ وَكَلِمَةٌ
قَالَهُ فِي النَّيْلِ (رَبْعَةٌ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْبَاءِ تَأْنِيثُ رَبْعٍ وَهُوَ الْمَنْزِلُ الَّذِي يَرْتَبِعُونَ فِيهِ فِي الرَّبِيعِ ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ الدَّارُ وَالْمَسْكَنُ
وَقَوْلُهُ رَبْعَةٌ بَدَلٌ مِنْ شِرْكٍ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ الرَّبْعُ وَالرَّبْعَةُ الْمَنْزِلُ الَّذِي يَرْبَعُ بِهِ الْإِنْسَانُ وَيَتَوَطَّنُهُ يُقَالُ هَذَا رَبْعٌ وَهَذَا رَبْعَةٌ بِالْهَاءِ كَمَا قَالُوا دَارٌ وَدَارَةٌ
قَالَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِثْبَاتُ الشُّفْعَةِ فِي الشَّرِكَةِ وَهُوَ اتِّفَاقٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَيْسَ فِيهِ نَفْيُهَا عَنِ الْمَقْسُومِ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ وَلَكِنْ دَلَالَتُهُ مِنْ طَرِيقِ الْمَفْهُومِ أَنْ لَا شُفْعَةَ فِي الْمَقْسُومِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الشُّفْعَةَ لَا تَجِبُ إِلَّا فِي الْأَرْضِ وَالْعَقَارِ دُونَ غَيْرِهِمَا مِنَ الْعُرُوضِ وَالْأَمْتِعَةِ وَالْحَيَوَانِ وَنَحْوِهَا انْتَهَى
(أَوْ حَائِطٍ) أَيْ بُسْتَانٍ وَلَفْظُ مُسْلِمٍ فِي صَحِيحِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ الشُّفْعَةُ فِي كُلِّ شِرْكٍ فِي أَرْضٍ أَوْ رَبْعٍ أَوْ حَائِطٍ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يَعْرِضَ عَلَى شَرِيكِهِ فَيَأْخُذُ أَوْ يَدَعُ فَإِنْ أَبَى فَشَرِيكَهُ أَحَقُّ بِهِ حَتَّى يُؤْذِنَهُ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
وَرَوَى الْحَاكِم مِنْ طَرِيق أُمَيَّة بْن خَالِد قَالَ قُلْت لِشُعْبَة مَالَك لَا تُحَدِّث عَنْ عَبْد الْمَلِك بْن أَبِي سُلَيْمَان قَالَ تَرَكْت حَدِيثه قَالَ قُلْت تُحَدِّث عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْعَرْزَمِيّ وَتَدَع عَبْد الْمَلِك وَقَدْ كَانَ حَسَن الْحَدِيث قَالَ مِنْ حُسْنهَا فَرَرْت
وَقَالَ أَحْمَد بْن سَعِيد الدَّارِمِيّ سَمِعْت مُسَدَّدًا وَغَيْره مِنْ أَصْحَابنَا عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد قَالَ قَالَ شُعْبَة لَوْ أَنَّ عَبْد الْمَلِك جَاءَ بِمِثْلِهِ آخَر أَوْ اِثْنَيْنِ لَتَرَكْت حَدِيثه يَعْنِي حَدِيث الشُّفْعَة
وَقَالَ أَبُو قُدَامَة عَنْ يَحْيَى الْقَطَّان قَوْله لَوْ رَوَى عَبْد الْمَلِك بْن أَبِي سُلَيْمَان حَدِيثًا مِثْل حَدِيث الشُّفْعَة لَتَرَكْت حَدِيثه
وَقَالَ بَعْض النَّاس هَذَا رَأْي لِعَطَاءٍ أَدْرَجَهُ عَبْد الْمَلِك فِي الْحَدِيث إِدْرَاجًا
فَهَذَا مَا رَمَى بِهِ النَّاس عَبْد الْمَلِك وَحَدِيثه
وَقَالَ آخَرُونَ عَبْد الْمَلِك أَجَلّ وَأَوْثَق مِنْ أَنْ يُتَكَلَّم فِيهِ
وَكَانَ يُسَمَّى الْمِيزَان لِإِتْقَانِهِ وَضَبْطه وَحِفْظه وَلَمْ يَتَكَلَّم فِيهِ أَحَد قَطُّ إِلَّا شُعْبَة وَتَكَلَّمَ فِيهِ مِنْ أَجْل هَذَا الْحَدِيث وَهُوَ كَلَام بَاطِل
فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يُضَعِّفهُ إِلَّا مِنْ أَجْل هَذَا الْحَدِيث كَانَ ذَلِكَ دَوْرًا بَاطِلًا فَإِنَّهُ لَا يَثْبُت ضَعْف الْحَدِيث حَتَّى يَثْبُت ضَعْف عَبْد الْمَلِك فَلَا يَجُوز أَنْ يُسْتَفَاد ضَعْفه مِنْ ضَعْف الْحَدِيث الَّذِي لَمْ يُعْلَم ضَعْفه إِلَّا مِنْ جِهَة عَبْد الْمَلِك وَلَمْ يُعْلَم ضَعْف عَبْد الْمَلِك إِلَّا بِالْحَدِيثِ وَهَذَا مُحَال مِنْ الْكَلَام فَإِنَّ الرَّجُل مِنْ الثِّقَات الْأَثْبَات الْحُفَّاظ الَّذِينَ لَا مَطْمَح لِلطَّعْنِ فِيهِمْ
وَقَدْ اِحْتَجَّ بِهِ مُسْلِم فِي صَحِيحه وَخَرَّجَ لَهُ عِدَّة