وعند بن سَعْدٍ فَقَالَ لَهُ الْأَعْرَابِيُّ لَا وَاللَّهِ مَا بِعْتُكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ قَدِ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ فَطَفِقَ النَّاسُ يَلُوذُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِالْأَعْرَابِيِّ وَهُمَا يَتَرَاجَعَانِ وَيَقُولُ هَلُمَّ شَهِيدًا فَمَنْ جَاءَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ وَيْلَكَ إِنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يَكُنْ لِيَقُولَ إِلَّا حَقًّا فَقَالَ لَهُ خُزَيْمَةُ أَنَا أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَايَعْتَهُ (فَقَالَ بِمَ تشهد) زاد بن سعد ولم تكن معنا (فقال بتصديقك يارسول الله) زاد بن سَعْدٍ أَنَا أُصَدِّقُكَ بِخَبَرِ السَّمَاءِ وَلَا أُصَدِّقُكَ بِمَا تَقُولُ
وَفِي لَفْظٍ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّكَ لَا تَقُولُ إِلَّا حَقًّا قَدْ آمَنَّاكَ عَلَى أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى دِينِنَا (فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهَادَةَ خُزَيْمَةَ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ)
قَالَ الْعَلَّامَةُ السُّيُوطِيُّ قَدْ حَصَلَ لِذَلِكَ تأثير في مهم ديني وَقَعَ بَعْدَ وَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وذلك فيما روى بن أَبِي شَيْبَةَ فِي الْمَصَاحِفِ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ أَبُو بَكْرٍ وَكَتَبَهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَكَانَ النَّاسُ يَأْتُونَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَكَانَ لَا يَكْتُبُ آيَةً إِلَّا بِشَاهِدَيْ عَدْلٍ وَإِنَّ آخِرَ سُورَةِ بَرَاءَةَ لَمْ تُوجَدْ إِلَّا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ فَقَالَ اكْتُبُوهَا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ شَهَادَتَهُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ فَكَتَبَ وَإِنَّ عُمَرَ أَتَى بِآيَةِ الرَّجْمِ فَلَمْ يَكْتُبْهَا لِأَنَّهُ كَانَ وَحْدَهُ انْتَهَى
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ هذا حديث يضعفه كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ غَيْرَ مَوْضِعِهِ وَقَدْ تَذَرَّعَ بِهِ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ إِلَى اسْتِحْلَالِ الشَّهَادَةِ لِمَنْ عُرِفَ عِنْدَهُ بِالصِّدْقِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ادَّعَاهُ وَإِنَّمَا وَجْهُ الْحَدِيثِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا حَكَمَ عَلَى الْأَعْرَابِيِّ بِعِلْمِهِ إِذْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَادِقًا بَارًّا فِي قَوْلِهِ وَجَرَتْ شَهَادَةُ خُزَيْمَةَ فِي ذَلِكَ مَجْرَى التَّوْكِيدِ لِقَوْلِهِ وَالِاسْتِظْهَارِ بِهَا عَلَى خَصْمِهِ فَصَارَتْ فِي التَّقْدِيرِ شَهَادَتُهُ لَهُ وَتَصْدِيقُهُ إِيَّاهُ عَلَى قَوْلِهِ كَشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ فِي سَائِرِ الْقَضَايَا انْتَهَى
قُلْتُ شَهَادَةُ خُزَيْمَةَ قَدْ جَعَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَهَادَتَيْنِ دُونَ غَيْرِهِ مِمَّنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute