[٣٦١٥] (فَبَعَثَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاهِدَيْنِ) أَيْ أَقَامَهُمَا (فَقَسَمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا نصفين) قال بن رَسْلَانَ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْقِصَّةُ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَاحِدَةً إِلَّا أَنَّ البينتين لما تعارضتا تساقطتا وصارتا كَالْعَدَمِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا فِي عَيْنٍ كَانَتْ فِي يَدَيْهِمَا وَالْآخَرُ كَانَتِ الْعَيْنُ فِي يَدِ ثَالِثٍ لَا يَدَّعِيهَا بِدَلِيلِ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ ادَّعَيَا دَابَّةً وَجَدَاهَا عِنْدَ رَجُلٍ فَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاهِدَيْنِ نُزِعَتْ مِنْ يَدِ الثَّالِثِ وَدُفِعَتْ إِلَيْهِمَا قَالَ وَهَذَا أَظْهَرُ لِأَنَّ حَمْلَ الْإِسْنَادَيْنِ عَلَى مَعْنَيَيْنِ مُتَعَدِّدَيْنِ أَرْجَحُ مِنْ حَمْلِهِمَا عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ تَرْجِيحُ مَا فِيهِ زِيَادَةُ عِلْمٍ عَلَى غَيْرِهِ انْتَهَى
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ وَهَذَا الْحَدِيثُ مَرْوِيٌّ بِالْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ إِلَّا أَنَّ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ وَفِي هَذَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ جَاءَ بِشَاهِدَيْنِ فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْقِصَّةُ وَاحِدَةً إِلَّا أَنَّ الشَّهَادَاتِ لَمَّا تَعَارَضَتْ تَسَاقَطَتْ فَصَارَا كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُ وَحُكِمَ لَهُمَا بِالشَّيْءِ نِصْفَيْنِ بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْيَدِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْبَعِيرُ فِي يَدِ غَيْرِهِمَا فَلَمَّا أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاهِدَيْنِ عَلَى دَعْوَاهُ نُزِعَ الشَّيْءُ مِنْ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَدُفِعَ إِلَيْهِمَا
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الشَّيْءِ يَكُونُ فِي يَدَيِ الرَّجُلِ فَيَتَدَاعَاهُ اثْنَانِ وَيُقِيمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً فَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ صَارَ لَهُ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ بِهِ قَدِيمًا ثُمَّ قَالَ فِي الْجَدِيدِ فِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا يُقْضَى بِهِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَبِهِ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا وَأَيُّهُمَا خَرَجَ سَهْمُهُ حُلِّفَ لَقَدْ شَهِدَ شُهُودُهُ بِحَقٍّ ثُمَّ يُقْضَى لَهُ بِهِ
وَقَالَ مَالِكٌ لَا أَحْكُمُ بِهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا إِذَا كَانَ فِي يَدِ غَيْرِهِمَا وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ هُوَ لِأَعْدَلِهِمَا شُهُودًا وَأَشْهَرِهِمَا بِالصَّلَاحِ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute