وَقَالَ فِي السُّبُلِ قَالَ الْمُصَنِّفُ أَيِ الْحَافِظُ بن حَجَرٍ مَنْ قَالَ إِنَّهَا أَيِ الْحَشِيشَةُ لَا تُسْكِرُ وَإِنَّمَا تُخَدِّرُ فَهِيَ مُكَابَرَةٌ فَإِنَّهَا تُحْدِثُ مَا يُحْدِثُ الْخَمْرُ مِنَ الطَّرَبِ وَالنَّشْأَةِ قَالَ وَإِذَا سُلِّمَ عَدَمُ الْإِسْكَارِ فَهِيَ مُفْتِرَةٌ
وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ أَنَّهُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفْتِرٍ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْمُفْتِرُ كُلُّ شَرَابٍ يُورِثُ الْفُتُورَ وَالرَّخْوَةَ فِي الْأَعْضَاءِ وَالْخَدَرَ فِي الْأَطْرَافِ وَهُوَ مُقَدِّمَةُ السُّكْرِ وَنَهَى عَنْ شُرْبِهِ لِئَلَّا يَكُونَ ذَرِيعَةً إِلَى السُّكْرِ
وحكى العراقي وبن تَيْمِيَّةَ الْإِجْمَاعَ عَلَى تَحْرِيمِ الْحَشِيشَةِ وَأَنَّ مَنِ استحلها كفر
قال بن تَيْمِيَّةَ إِنَّ الْحَشِيشَةَ أَوَّلُ مَا ظَهَرَتْ فِي آخِرِ الْمِائَةِ السَّادِسَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ حِينَ ظَهَرَتْ دَوْلَةُ التَّتَارِ وَهِيَ مِنْ أَعْظَمِ الْمُنْكَرَاتِ وَهِيَ شَرٌّ مِنَ الْخَمْرِ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ لِأَنَّهَا تُورِثُ نَشْأَةً وَلَذَّةً وَطَرَبًا كَالْخَمْرِ وَتُصَعِّبُ الطَّعَامَ عَلَيْهَا أَعْظَمَ مِنَ الْخَمْرِ وَإِنَّمَا لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهَا الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ فِي زَمَنِهِمْ
وَقَدْ أَخْطَأَ الْقَائِلُ حَرَّمُوهَا مِنْ غَيْرِ عَقْلٍ وَنَقْلٍ وَحَرَامٌ تَحْرِيمُ غَيْرِ الْحَرَامِ وَأَمَّا البنج فهو حرام
قال بن تَيْمِيَّةَ إِنَّ الْحَدَّ فِي الْحَشِيشَةِ وَاجِبٌ
قَالَ بن الْبَيْطَارِ إِنَّ الْحَشِيشَةَ وَتُسَمَّى الْقِنَّبُ يُوجَدُ فِي مِصْرَ مُسْكِرَةٌ جِدًّا إِذَا تَنَاوَلَ الْإِنْسَانُ مِنْهَا قَدْرَ دِرْهَمٍ أَوْ دِرْهَمَيْنِ وَقَبَائِحُ خِصَالِهَا كَثِيرَةٌ وَعَدَّ مِنْهَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِائَةً وَعِشْرِينَ مَضَرَّةً دِينِيَّةً وَدُنْيَوِيَّةً وَقَبَائِحُ خِصَالِهَا مَوْجُودَةٌ فِي الْأَفْيُونِ وفيه زيادة مضار
قال بن دَقِيقِ الْعِيدِ فِي الْجَوْزَةِ إِنَّهَا مُسْكِرَةٌ وَنَقَلَهُ عَنْهُ مُتَأَخِّرُ عُلَمَاءِ الْفَرِيقَيْنِ وَاعْتَمَدُوهُ انْتَهَى
وَقَالَ بن رَسْلَانَ فِي شَرْحِ السُّنَنِ الْمُفَتِّرُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ الْمَكْسُورَةِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا وَيَجُوزُ تَخْفِيفُ التَّاءِ مَعَ الْكَسْرِ هُوَ كُلُّ شَرَابٍ يُورِثُ الْفُتُورَ وَالْخَدَرَ فِي أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ وَهُوَ مُقَدِّمَةُ السُّكْرِ وَعَطْفُ الْمُفَتِّرِ عَلَى الْمُسْكِرِ يَدُلُّ عَلَى الْمُغَايَرَةِ بَيْنَ السُّكْرِ وَالتَّفْتِيرِ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي التَّغَايُرَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ فَيَجُوزُ حَمْلُ الْمُسْكِرِ عَلَى الَّذِي فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ وَهُوَ مُحَرَّمٌ يَجِبُ فِيهِ الْحَدُّ وَيُحْمَلُ الْمُفَتِّرُ عَلَى النَّبَاتِ كَالْحَشِيشِ الَّذِي يَتَعَاطَاهُ السَّفِلَةُ
قَالَ الرَّافِعِيُّ إِنَّ النَّبَاتَ الَّذِي يُسْكِرُ وَلَيْسَ فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ يَحْرُمُ أَكْلُهُ وَلَا حَدَّ فِيهِ
قال بن رَسْلَانَ وَيُقَالُ إِنَّ الزَّعْفَرَانَ يُسْكِرُ إِذَا اسْتُعْمِلَ مُفْرَدًا بِخِلَافِ مَا إِذَا اسْتُهْلِكَ فِي